للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون (٢٧٧)} [البقرة: ٢٧٧]:

هذه الآيةُ اعتراضٌ بين آيات الربا، وفيها عَودٌ إلى الثناء على المؤمنين المتصدِّقين، وفيها مقابلةُ الذمِّ بالمدح، وتعريضٌ (١)؛ لأَنَّ أَكلة الربا على ضدِّ هذه الصفات، ومعنى الآية: خبرٌ من الله بعاقبة الذين آمنوا بالله ورسوله، وصدَّقوا إيمانَهم بعملِ الأعمالِ الصالحات، وهي: كلُّ ما يُحِبُّه اللهُ ويرضاه من الفرائض والتطوُّعات أَقوالًا وأَفعالًا ظاهرةً وباطنةً، وأَجلُّ ذلك إقامُ الصلاةِ وإيتاءُ الزكاة؛ ولذلك عُطِفَا على الأَعمال الصالحة من عَطفِ الخاصِّ على العام تعظيمًا لشأنهما وتنبيهًا على فضلهما.

وقولُه: {لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون (٢٧٧)}: بيانٌ لعاقبة الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فوعدهم اللهُ بالأجر العظيمِ عنده؛ وهو: ثوابُ ما عملوا، وآمنهم مما يكرهون من الخوف والحزن؛ فقال: {وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون (٢٧٧)}، فلا يخافون من فوت مطلوبٍ ولا يحزنون على ذهاب محبوبٍ، ولم يتعرض المؤلِّف لهذه الآية بتفسير لظهور معناها، وكثرة ذكر كلماتها، وقد تقدم في أول السورة نظائرها.

* * *


(١) ينظر: «التحرير والتنوير» (٣/ ٩٣).

<<  <   >  >>