يُخبر تعالى مُمتنًا على نبيِّه بما أنزل عليه من الآيات البينات؛ وهي القرآن، وأنه مع ظهور دلالتها وقوة حجيتها لا يكفر بها إلَّا الفاسقون الخارجون عن طاعة الله، وفي هذا تعريضٌ باليهود الذين كفروا بالكتاب، فكفروا بما فيه من الآيات، ومِن فِسقهم أنهم كلَّما عاهدوا عهدًا نبذه فريقٌ منهم فلم يوفوا به، هذا وأكثرهم لا يؤمنون بما جاءهم من الآيات البينات.
ونظيرُ هذه الآية قوله تعالى: {الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (٥٦)} [الأنفال: ٥٦]، والاستفهام في قوله:{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا} للإنكار والتوبيخ (١). وقوله:{وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} وهو محمد صلى الله عليه وسلم {مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ} أي: شاهدٌ بصدق ما معهم من كتب الله من التوراة والإنجيل، مُقِرٌّ به.
(١) ينظر: «درج الدرر» (١/ ٢٤٢)، و «البحر المحيط» (١/ ٥١٨)، و «التحرير والتنوير» (١/ ٦٢٥).