للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (١١٩)} [البقرة: ١١٩]:

يُخبر تعالى نبيَّه مُسلِّيًا له بأنه مُرسَلٌ بالحق؛ أي: بالصدق والعدل، بالهدى ودينِ الحقِّ؛ أي: العلم النافع والعمل الصالح، وأنَّ اللهَ أرسله بشيرًا لِمَنْ آمن به بثواب الله ونذيرًا لمن كفر به من عذاب الله، ويُخبر اللهُ نبيَّه أنه غيرُ مسؤول عن الكافرين أصحاب الجحيم بعد تبليغهم رسالاتِ الله، فما على الرسول إلَّا البلاغُ المبين.

{إنَّا أَرْسَلْنَاك} يا محمد {بِالْحَقِّ} بالهدى {بَشِيرًا} مَنْ أجاب إليه بالجنة {وَنَذِيرًا} مَنْ لم يُجِب إليه بالنار {وَلَا تُسْأَل عَنْ أَصْحَاب الْجَحِيم} النار؛ أي: الكفارُ ما لهم لم يؤمنوا إنما عليك البلاغ، وفي قراءة بجزم {تسأل} نهيًا.

وقولُ المؤلِّف: (وفي قراءة … ) إلى آخره: يُبيِّنُ أنَّ في قوله: {وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} قراءتين؛ إحداهما: بضمِّ التاء بالبناء للمفعول ولا نافية، والفعلُ المضارع مرفوعٌ، والمعنى: لا يسألك اللهُ عن إيمان مَنْ كفر بك فليس عليك هداهم، ولكنَّ اللهَ يهدي مَنْ يشاء، وهذه قراءةُ الجمهور، والجملةُ على هذه القراءة خبرية، والقراءةُ الثانية بفتح التاء، وجزمِ الفعل المضارع، ولا ناهية فتكون؛ كقوله تعالى: {وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا} [هود: ٣٧]، والجملةُ على هذه القراءة طلبيةٌ (١)، وضعَّفَ ابنُ جرير هذه القراءة لفظًا ومعنى (٢).

* * *


(١) قرأ نافع ويعقوب {وَلَا تَسْأَلْ} [١١٩] بالجزم على النهي. وقرأ الباقون {وَلَا تُسْأَلُ} بضم التاء ورفع اللام على الخبر. ينظر: «السبعة في القراءات» (ص ١٦٩)، و «المبسوط» (ص ١٣٥)، و «النشر» (٢/ ٢٢١).
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (٢/ ٤٨١).

<<  <   >  >>