للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)} [البقرة: ٦٢]:

يُخبرُ تعالى في هذه الآية عن الطوائف الأربعِ التي تنقسمُ كلُّ واحدةٍ منها إلى مؤمنين وغير مؤمنين؛ أنَّ مَنْ آمنَ منهم وعملَ صالحًا؛ فله أَجرُه عند الله، فالذين آمنوا هم من أظهر الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم منهم الصادق ومنهم المنافق، كما ذكر في أول السورة.

{وَالَّذِينَ هَادُوا}: هم اليهود، وهم المنتسبون لشريعة التوراة والإيمان بموسى عليه السلام، ومعنى هادوا: أي صاروا يهودًا، وأصلُ التسميةِ من قول موسى عليه السلام: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الأعراف: ١٥٦] أي: تُبنا إليك.

{وَالنَّصَارَى}: هم المنتسبون لعيسى عليه السلام، ونصارى جمعُ نصراني، وفي أصل التسميةِ خلافٌ كثيرٌ، والأقرب أنه من قول الحواريين: {نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} [آل عمران: ٥٢] (١).

{وَالصَّابِئِينَ}: قيل: هم قوم كانوا يعبدون الكواكبَ، وقيل: يعبدون الملائكةَ، ومنهم قومُ إبراهيم عليه السلام، وهم طوائف، ومنهم الصابئةُ الحنفاء (٢).

والصابئون: جمعُ صابئٍ بالهمز، أو جمعُ صابٍ بالياء، وبالهمز قرأ الجمهورُ، وقرأ نافع بالياء (٣). وقوله: {مَنْ آمَنَ}: مَنْ: اسمُ شرطٍ، أو اسمٌ


(١) اختاره الزمخشري، وينظر الخلاف في: «تفسير الطبري» (٢/ ٣٣ - ٣٤)، و «الكشاف» (١/ ٢٧٧)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٢٣٦)، و «زاد المسير» (١/ ٧٢).
(٢) الصابئ: هو المستحدث سوى دينه دينًا، كالمرتد من أهل الإسلام عن دينه، وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر غيره تسميه العرب صابئًا. والصابئة نوعان: صابئة حنفاء موحدون، وصابئة مشركون، وهذا بخلاف المجوس والمشركين فإنه ليس فيهم مؤمن، وقد ذكر في معنى الصابئين سبعة أقوال. ينظر: «تفسير الطبري» (٢/ ٣٤ - ٣٧)، و «زاد المسير» (١/ ٧٢ - ٧٣)، و «الرد على المنطقيين» (ص ٣٣٤).
(٣) ينظر: «السبعة في القراءات» (ص ١٥٨)، و «النشر» (١/ ٣٩٧).

<<  <   >  >>