للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٤٩) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠)} [البقرة: ٤٩ - ٥٠]:

هذا شُروعٌ في ذِكر نِعَمه على بني إسرائيل التي أمرهم بذكرها، مع التذكير بما جرى منهم من السَّيئات، وما جرى عليهم من الابتلاءات، وأولُ هذه النِّعم نجاتُهم من آل فرعون الذين كانوا يُعذِّبونهم، ومن عذابهم ذبحُ أَبنائهم، واستبقاء نسائهم للخدمة، وفيما جرى عليهم من التعذيب، وما جرى لهم من النَّجاة ابتلاءٌ عظيمٌ، وهذا ما تضمَّنَه قولُه تعالى: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ … } الآية، فـ «إذْ»: ظرفٌ يدلُّ على الزمن الماضي، وهو مُتعلِّقٌ بفعلٍ محذوفٍ تقديره: اذكروا حين نجيناكم؛ كما قدَّره المؤلِّف، و «آل فرعون»: هم فرعون وقومه.

{فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ}: يعني يُذيقونكم أشدَّ العذاب؛ كما قال المؤلِّف، وجملة: يسومونكم: في موضع نصب على الحال من الضمير في نجيناكم؛ على ما ذكر المؤلِّف، ويُحتملُ أن تكون حالًا من آل فرعون (١).

وقوله: {يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ}: تفصيلٌ وبيانٌ لنوع العذاب.

وقوله: {وَفِي ذَلِكُمْ}: اسمُ الإشارة راجعٌ إلى العذاب أو الإنجاء كما ذكر المؤلِّف، ويُحتملُ أن يعودَ إلى مجموع الأمرين (٢)، فإنَّ كُلًّا من الأمرين بلاء؛ أي: ابتلاء من الله، والابتلاءُ يكون بالنِّعم، ويكون بالمصائب؛ كما قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: ٣٥]، ويُطلَقُ البلاءُ على ما به الابتلاء


(١) ينظر: «البحر المحيط» (١/ ٣١٢)، و «التحرير والتنوير» (١/ ٤٩٢).
(٢) واختار الوجهين: الواحدي، والراغب الأصبهاني، وابن عطية، والشنقيطي. ينظر: «التفسير البسيط» (٢/ ٥٠٥ - ٥٠٧)، و «تفسير الراغب» (١/ ١٨٦)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٢٠٧)، و «العذب النمير» (١/ ٧٣ - ٧٤).

<<  <   >  >>