للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من النِّعم والمصائب، وذلك من باب التسميةِ بالمصدر أو اسم المصدر؛ فإنَّ البلاءَ اسمُ مصدرٍ، ومن أعظم النِّعم عليهم فلْقُ البحرِ لهم، وجعلُه يبسًا، وطرقًا يسلكونها آمنين، ومن نِعمِه إغراقُ عدوِّهم فرعونَ وقومه، وهم ينظرون إليهم؛ كما دلَّ على ذلك قوله تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠)}.

وقوله تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا}: الواو عاطفة، وإذ ظرف مُتعلِّقٌ بـ {اذْكُرُوا}، و {فَرَقْنَا}: أي فلقنا البحرَ حتى صار الماءُ فِرقين، كل فرقٍ كالطود العظيم، وبينهما طرقٌ يبسٌ لا يخافون دَرَكًا، ولا يخشون غرقًا. وقوله تعالى: {فَرَقْنَا بِكُمُ}: الباءُ سببية؛ المعنى: فرقنا البحر بسببكم لنجاتكم، ومن تمام نعمتِه عليكم إغراقُ فرعون وآله، و {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠)} إليهم وهم يغرقون، فجمعَ اللهُ لهم بين نعمتين: نجاتهم، وهلاك عدوهم وقد غَشِيَهم من اليمِّ ما غَشَيهم.

{وَ} اذكروا {إذْ نَجَّيْنَاكُمْ} أي: آباءكم، والخطابُ به وبما بعده للموجودين في زمن نبينا بما أنعم اللهُ على آبائهم تذكيرًا لهم بِنَعم الله ليؤمنوا {مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ} يُذيقونكم {سُوءَ الْعَذَابِ} أشدّهُ، والجملة حال من ضمير نجيناكم {يُذَبِّحُونَ} بيانٌ لِمَا قبله {أَبْنَاءَكُمْ} المولودين {وَيَسْتَحْيُونَ} يَستبْقون {نِسَاءَكُمْ} لقول بعضِ الكهنةِ له: إنَّ مولودًا يُولدُ في بني إسرائيل يكون سببًا لذهاب ملكك {وَفِي ذَلِكُمْ} العذابُ أو الإنجاءُ {بَلَاءٌ} ابتلاءٌ أو إنعامٌ {مِنْ رَّبّكُمْ عَظَيِمٌ}. {وَ} اذكروا {إذْ فَرَقْنَا} فَلقْنا {بِكُمْ} بسببكم {الْبَحْرَ} حتى دخلتموه هاربين من عدوِّكم {فَأَنْجَيْنَاكُمْ} من الغرق {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ} قومه معه {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} إلى انطباق البحر عليهم.

<<  <   >  >>