للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِين (٢٤٨)} [البقرة: ٢٤٨]:

يُخبرُ تعالى عن نبيِّ بني إسرائيل أَنه قال لهم: {إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ}؛ أَي: علامةَ أَهليةِ طالوت للملك، وأَنَّ اللهَ بعثه لكم ملكًا؛ إِنَّ آيةَ ذلك: {أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ}؛ وهو صندوقٌ له شأَنٌ عند بني إسرائيل، روى فيه ابنُ جريرٍ عن وهب بن منبه (١) وغيرِه روايات إسرائيلية عجيبةٍ لا يتوقف عليها ما أُريد منَّا فهمُه من القرآن (٢).

قال النبيُّ: {فِيهِ}: أَي: في التابوت {سَكِينَةٌ مِنْ رَّبِّكُمْ}، واختلف المفسرون في المراد بالسكينة؛ قيل: هي طمأنينةٌ تحصل لهم عند وجود التابوت، فتقوى عزائمُهم وشجاعتُهم، وعلى هذا فالسكينةُ أَمرٌ معنويٌّ، وقيل: إنها شيءٌ معيَّنٌ موضوعٌ في التابوت، واختلفت عباراتُ أَصحابِ هذا القول عن المراد بالسكينةِ، والقولُ الأَوَّلُ أَظهرُ (٣)، وروى ابنُ جريرٍ أَقوالَ المفسرين في السكينة عن جماعةٍ من السَّلف عن عليٍّ وابنِ عباس ومجاهدٍ والسُّدي ووهبِ بن منبه (٤)، وكلُّها من نوع الإسرائيليات، ومنها ما هو قريبٌ


(١) وهب بن منبه، أبو عبد الله، اليماني، صاحب الأخبار والقصص، وكانت له معرفة بأخبار الأوائل وقيام الدنيا وأحوال الأنبياء، وسير الملوك، ولد في زمن عثمان سنة (٣٤ هـ)، ورحل وحج، وثقه أبو زرعة والنسائي وجماعة، وروايته للمسند قليلة، وإنما غزارة علمه في الإسرائيليات، ومن صحائف أهل الكتاب، توفي سنة (١١٠ هـ) وقيل: بعد ذلك. ينظر: «الطبقات» لابن سعد (٥/ ٥٤٣)، و «السير» (٤/ ٥٤٤).
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (٤/ ٤٥٩ - ٤٦٣).
(٣) ينظر: «تفسير الطبري» (٤/ ٤٦٧ - ٤٧١)، و «المحرر الوجيز» (٢/ ٩)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ٦٦٦ - ٦٦٧).
(٤) ينظر: «تفسير الطبري» (٤/ ٤٦٧ - ٤٧٠).

<<  <   >  >>