للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنها ما هو غريبٌ، وروى عن ابن جريجٍ (١) عن عطاء: أَنَّ السكينةَ هي الآيات التي تسكنُ إليها النفسُ (٢)، واختار ذلك ابنُ جرير، وأَنَّ ذلك يعمُّ كلَّ ما قيل في المراد بالسكينة، قال رحمه الله: «وأَولى هذه الأَقوال بالحقِّ في معنى السكينة، ما قاله عطاءُ بن أَبي رباح، من الشيءِ تسكنُ إليه النفوسُ من الآيات التي تعرفونها»، ثم قال: «وإذا كان معنى السكينة ما وصفت، فجائزٌ أَنْ يكون ذلك على ما قاله عليٌّ ومجاهدٌ ووهبُ بن منبه والسُّديُّ» (٣).

وقولُه: {وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ}: قيل: إنها بعضُ الأَلواحِ التي كتب اللهُ فيها التوراةَ لموسى، وذكر ابنُ جريرٍ في المراد بالبقيَّة أَقوالًا كثيرةً واختارَ أَنَّها كلَّها جائزةٌ، فلا يُجزَمُ بتضعيف شيءِ وتصويب شيءِ (٤)، وكلُّها من نوع الإسرائيليات، وما ذهب إليه ابنُ جرير هو معنى الحديث: ((إذا حدثكم أهل الكتاب؛ فلا تصدِّقوهم ولا تكذِّبوهم)) (٥).

وقوله: {تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ}: أَي: تأتي به الملائكةُ تحمله في الهواء؛ أي: وأنتم تشاهدون ذلك، وتعريف التابوت بـ «أل» يدلُّ على أَنَّه تابوتٌ معروفٌ لهم؛ قاله ابنُ جريرٍ ورجَّحه (٦).

وجملةُ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ}: يُحتملُ أَنَّ تكون من تمام كلام نبيِّ بني إسرائيل، ويَحتملُ أَنْ تكون مُستأنفةً؛ خطابٌ للمؤمنين أَصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى الاحتمالِ الأَوَّلِ: اسمُ الإشارةِ يرجعُ إلى إِتيان التابوت


(١) ابن جريج: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الروميّ الأموي، أبو خالد، وقيل: أبو الوليد، كان إمامًا حافظًا فقيهًا، له مصنفات؛ منها «التفسير» وغيره، توفي سنة (١٥٠ هـ). ينظر: «السير» (٦/ ٣٢٥)، و «طبقات المفسرين» للداودي (١/ ٣٥٨).
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (٤/ ٤٧١).
(٣) «تفسير الطبري» (٤/ ٤٧٢).
(٤) «تفسير الطبري» (٤/ ٤٧٢ - ٤٧٧).
(٥) أخرجه البخاري (٤٤٨٥) من حديث أبي هريرة بنحوه.
(٦) ينظر: «تفسير الطبري» (٤/ ٤٦٦).

<<  <   >  >>