المخاطَبُ في هذه الآية هم المخاطبون في الآيات السابقة، الموجودون من بني إسرائيل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأخصُّهم بالخطاب في هذه الآيات من قوله:{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ}: هم اليهودُ الذين كانوا حول المدينة؛ تذكيرًا لهم بِنِعَم الله على أسلافهم ليشكروها، وتذكيرًا لهم بما كان لآبائهم من المخالفات وما نزل بهم من العقوبات ليحذروها، فقوله:{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى} تقديره: واذكروا حين قال قومُ موسى لموسى: {لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ}، يعنون به المنَّ والسَّلوى، وذلك يوم كانوا في التيه.
وقوله:{فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا}: طلبوا من موسى أنْ يدعو اللهَ بأنْ يُخرج لهم هذه البقول والحبوب؛ فهي آثرُ عندهم من المنِّ والسَّلوى، وكلُّ هذه الأسماء معروفةٌ، والفوم: هو الحنطة، وهي نوعٌ من البُرِّ.
فردَّ عليهم نبيُّ الله موسى بأنَّ ما طلبوا أدنى من الذي أعطاهم اللهُ؛ فقال:{أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ}. والاستبدال: كالاشتراء، يتعدَّى بنفسه إلى المأخوذ، وإلى المتروك بالباءِ؛ فهو في معنى: أتشترون الأدنى بالأعلى والأفضل. والأدنى: هو ما طلبوه من البقول والحبوب، والذي هو خيرٌ: ما أنزل اللهُ عليهم من المنِّ والسَّلوى.