للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٥)} [البقرة: ٢٥]:

لمَّا ذكر الله النار ومَن أُعدّت لهم إنذارًا وتحذيرًا أمرَ نبيَّه أن يبشِّر الذين آمنوا وعملوا الصالحات بما أعدَّ لهم من الجنات التي تجري مِنْ تحتها الأنهار، وأخبر - تعالى - أنهم يُرزقون فيها من أنواع الثمرات المختلفة في الطُّعوم واللذات المتشابهة في الألوان لذلك كلما رُزقوا شيئًا من هذه الثمار؛ قالوا: {هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا}، والصواب أنَّ المراد ما رُزقوه مِنْ قبلُ في الجنة، وأخبر - تعالى - أنَّ لهم في الجنة أزواجًا مُطهَّرة من العيوب الخَلقية والخُلقية، وأنهم مع ذلك في الجنة خالدون؛ أي: مقيمون أبدًا؛ نسأل الله من فضله.

{وَبَشِّرِ} أخبرْ {الَّذِينَ آمَنُوا} صدَّقُوا بالله {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} مِنْ الفروضِ والنوافل {أَنَّ} أي: بأنَّ {لَهُمْ جَنَّاتٍ} حدائقَ ذات أشجارٍ ومساكن {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا} أي: من تحت أشجارِها وقصورِها {الْأَنْهَارُ} أي: المياهُ فيها، والنهرُ: الموضعُ الذي يجري فيه الماء؛ لأن الماءَ يَنْهَرُهُ، أي: يحفرُهُ، وإسنادُ الجري إليه مجازٌ {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا} أُطعمُوا من تلكَ الجناتِ {مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي} أي: مثلَ ما {رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} أي: قبله في الجنةِ لتشابهِ ثمارِها بقرينةِ {وَأُتُوا بِهِ} أي: جِيئوا بالرزقِ {مُتَشَابِهًا} يشبهُ بعضُه بعضًا لونًا، ويختلفُ طعمًا {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ} مِنْ الحورِ وغيرها {مُطَهَّرَةٌ} مِنْ الحَيضِ وكلِّ قَذَرٍ {وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ماكثونَ أبدًا لا يَفْنَوْنَ وَلَا يَخْرُجُونَ.

<<  <   >  >>