للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩)} [البقرة: ٧٩].

المخبَر عنهم في هذه الآية بالكذب على الله فيما يكتبونه ليتوصلوا بذلك إلى عَرَض من الدنيا من مالٍ أو رئاسةٍ، الظاهرُ أنهم الفريق الذين وصفوا بأنهم يسمعون كلامَ الله ثم يُحرِّفونه، أو هم فريقٌ منهم وقد توعَّدهم الله في هذه الآية بالويل ثلاث مرات، والويل: هو العذابُ الشديدُ.

{فَوَيْلٌ} شدة عذاب {لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَاب بِأَيْدِيهِمْ} أي مُختلقًا من عندهم {ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْد اللَّه لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} من الدنيا وهم اليهود، غيروا صفة النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة وآيةَ الرجم وغيرها، وكتبوها على خلاف ما أُنزل {فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ} من المختلق {وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} من الرُّشا.

وقولُ المؤلِّف: (شدة عذاب): هذا أحسنُ وأجمعُ ما فُسِّرَ به الويل (١)، وقد ذُكر في سياق الدعاء عليهم والوعيد لهم.

وقولُه: (مُختلقًا من عندهم): يُبيِّن أنَّ الذي يكتبونه ليس هو التوراة المنزلة؛ بل كذبٌ يفترونه ويزعمون أنه من التوراة.

وقولُه: (من الدنيا وهم اليهود … ) إلى آخره: يُبيِّن أنَّ المذكورين في الآيات المذمومين هم اليهود، وأنَّ غايتهم الحظُّ العاجلُ، وهو متاعُ الدنيا،


(١) روي عن ابن عباس بنحوه، ينظر: «تفسير الطبري» (٢/ ١٦٢)، و «معاني القرآن» للزجاج (١/ ١٦٠).

<<  <   >  >>