هذا خطابٌ من الله خاصٌ ببني إسرائيل بعد الخطاب العام لجميع الناس في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ … } إلى آخر قصة آدم وإبليس. وإسرائيلُ: هو نبيُّ الله يعقوب بن إسحاق عليهما السلام، وفي ذِكْر نَسبِهم إلى إسرائيلَ تنويهٌ بفضله وتحريضٌ لبَنِيه على الاستجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ كما يقال: يا بني العبد الصالح، اقتدوا بأبيكم، واستقيموا (١).
والمقصودون بهذا الخطاب أهلُ الكتاب من اليهود والنصارى فإنهم بنو إسرائيل، واليهودُ أخصُّ بذلك؛ لأنهم الموجودون حولَ المدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والمقصود: تذكيرُهم بأسلافهم، وما جرى لهم أو عليهم من النِّعم والابتلاءات، وما جرى منهم من المخالفات في عهد موسى رسول الله إليهم وبعده، وامتنانٌ على المخاطَبين، ودعوةٌ لهم إلى شكر لله والإيمانِ بهذا الرسول، وتحذيرٌ لهم من الإصرار على التكبُّر والعصيان.
ثم أمر اللهُ بني إسرائيل أن يؤمنوا بما أنزلَ اللهُ على محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وهو القرآنُ، وهو مُصدِّقٌ لِمَا معهم من التوراة والإنجيل؛ أي: شاهدٌ بصدقهما، وينهاهم تعالى عن المبادرة إلى الكفر به، وذلك قوله:{وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ}.