للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)}.

«يوم الدين»: أحدُ أسماءِ يومِ القيامة، ومعناه: يومُ الجزاءِ والحسابِ للعباد على الأعمال.

{مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} أي: الجزاءُ، وهو يوم القيامة، وخُصَّ بالذِّكر لأنه لا ملك ظاهرًا فيه لأحدٍ إلَّا لله تعالى، بدليل: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ} [غافر: ١٦]. ومن قرأ «مالك» فمعناه: مالكُ الأمر كلّه في يوم القيامة؛ أي: هو موصوفٌ بذلك دائمًا كـ {غَافِرِ الذَّنْبِ} [غافر: ٣]، فصحَّ وقوعُه صفةً للمعرفة.

وقولُ المؤلِّف: (خُصَّ بالذِّكر): معناه: خُصَّ يومَ الدين بأنَّ اللهَ ملكه، والملكُ فيه له سبحانه مع أنه تعالى مالكُ الدنيا والآخرة، {وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى} [الليل: ١٣]، ويُبيّنُ المؤلِّفُ وجهَ التخصيص بقوله: (لأنه لا ملك ظاهرًا فيه لأحدٍ إلَّا لله تعالى)، بخلاف الدنيا ففيها ملوكٌ لكنَّ ملكَهم عاريةٌ، وهم: ذاهبون، ولهذا في الحديث الصحيح: أنَّ اللهَ إذا أخذ الأرضَ والسماوات بيديه يقول: ((أنا الملكُ، أين ملوك الأرض؟)) (١)، فلا ملكَ لأحدٍ يومَ القيامةِ سواه، كما قال تعالى: {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا والْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار: ١٩].

وقولُه: (ومن قرأ «مالك» … ) إلى آخره: يدلُّ على أنَّ في الكلمة قراءتين، و {مَلِكِ} بلا ألف قراءةُ الجمهور (٢)، واختارها ابنُ جرير (٣). ووجهُ التخصيص بـ «يوم الدين» مثل: وجه التخصيص على القراءة الأولى.


(١) رواه البخاري (٤٨١٢)، ومسلم (٢٧٨٧) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) قرأ عاصم والكسائي ويعقوب وأبو حاتم وخلف بإثبات ألف بعد الميم لفظًا، وقرأ الباقون بغير ألف. ينظر: «النشر في القراءات العشر» ١/ ٢٧١.
(٣) «تفسير الطبري» (١/ ١٥٠).

<<  <   >  >>