للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِين (٢٤٦)} [البقرة: ٢٤٦]:

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ}: القولُ في هذه الجملة كالقول في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا} [البقرة: ٢٤٣]، فالاستفهامُ للتقرير، و {تَرَ}: تعلم، ضُمِّنَ معنى «ينتهي علمك» ولذا عُدِّي بـ «إلى»، و {الْمَلإِ}: الأشراف.

وقوله: {إِذْ قَالُوا}: أَي: حين قالوا {لِنَبِيٍّ لَهُمُ}، لم يُسمَّ هذا النبيُّ، إِلا أَنه من أَنبياء بني إسرائيل الذين من بعد موسى، وقد ذكر ابنُ جرير اختلافَ المفسرين في اسمه ونسبه، وأَطال في ذلك (١)، وليس في شيءٍ مما ذكره ما يمكن الجزم به؛ لأَنَّ الروايات في ذلك من الإسرائيليات التي لا يعتمد عليها في العلم، ومما ذكروا أَنَّ اسمَه شمويل أَوْ شمعون، وقيل: إنه يوشع بن نون، وقد ضعَّف ذلك ابنُ كثير (٢)؛ فاللهُ أعلم، واللهُ قد أَبهم هذا النبيَّ ولم يُسمِّه؛ فلنسكُت عمَّا سكت اللهُ عنه، وقولُ الملأ لنبيِّهم: {ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ} يعنون: عيِّنْ أَميرًا وقائدًا نقاتل معه في سبيل الله.

وقوله: {قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ} المعنى: قال لهم نبيُّهم: هل تتوقعون إن كُتب عليكم القتالُ أَلَّا تُقاتلوا؟ فالاستفهامُ على ظاهره، و «عسى» من أَفعال الرجاء، ومعناها هنا التوقع؛ فمعنى الكلام: هل تتوقعون من أَنفسكم إن كُتب عليكم القتالُ أَلَّا تُقاتلوا؟ واسمُ «عسى»:


(١) ينظر: «تفسير الطبري» (٤/ ٤٣٥ - ٤٣٧).
(٢) ينظر: «تفسير ابن كثير» (١/ ٦٦٤ - ٦٦٥).

<<  <   >  >>