هذه الآية متصلةٌ في المعنى بقوله تعالى:{وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ}، ومن تمامِها تحويلُ القبلة إلى البيت الحرام، والكاف للتشبيه، فالمعنى: كما أنعَمْنا عليكم بإرسال رسولٍ منكم {يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا … } الآية، والخطاب للمؤمنين؛ فتضمَّنت الآيةُ الأولى الامتنانَ من الله للمؤمنين بإرسال خاتَمِ النبيين، وبما جاء به من الكتاب والحكمة، وأخبر -تعالى- أنه يتلو على المؤمنين الآياتِ ويُعلِّمهم الكتابَ والحكمةَ مما كانوا لا يعلمون، فهذه الآيةُ نظير قوله تعالى:{لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ … } الآية من سورة آل عمران [آل عمران: ١٦٤].
ثم أَمر في الآية الثانية بذكرِه وشكرِه، ونهى عن الكفر به، وذِكرُه من شكرِه، فعطفُ الشكرِ على الذِّكرِ مِنْ عطفِ العام على الخاصِّ، وأَخبر -تعالى- أنَّ مِنْ جزاء الذاكرين والشاكرين أَنْ يَذكرهم ويَشكرهم، وفي هذا أبلغُ ترغيبٍ في ذِكره -تعالى- وشكره.
{كما أَرْسَلْنَا} متعلِّق بـ «أتم»، أي: إتمامًا كإتمامِها بإرسالِنا {فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ} محمدًا صلى الله عليه وسلم {يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتنَا} القرآن {وَيُزَكِّيكُمْ} يُطهِّركم من الشرك {وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَاب} القرآنَ {وَالْحِكْمَة} ما فيه من الأحكام {وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ * فَاذْكُرُونِي} بالصلاة والتسبيح ونحوه {أَذْكُرْكُمْ} قيل: معناه أُجَازِكُم، وفي الحديث عن الله: ((مَنْ ذكرني