للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في نفسِه ذكرتُه في نفسي، ومَن ذكرني في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٍ مِنْ مَلئِه)) (١) {وَاشْكُرُوا لِي} نعمتي بالطاعة {وَلَا تَكْفُرُونِ} بالمعصية.

وقولُ المؤلِّف: (متعلِّق بـ: «أُتم» … ) إلى آخره: يُوضِّحُ بهذا المشبَّه والمشبَّه به؛ فالمشبَّه: إتمام النعمة بتحويل القبلة، والمشبَّهُ به: إتمام النعمة بإرسال رسولٍ بهذه الصفة يتلو ويُزكِّي ويُعلِّم. وقولُه: (يُطهِّرُكم من الشرك): تفسيرٌ للزكاة بالطهارة من الشرك، ولا ريبَ أنَّ هذا أعظم تطهيرٍ، ولكن زكاة النفسِ أعمُّ من ذلك (٢)، والمُزكِّي حقيقةً هو الله، وإضافةُ الزكاة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مِنْ إضافة الشيء إلى سببِهِ.

وقولُه: (ما فيه مِنْ الأحكام): هذا أحدُ معاني الحكمة، وقيل: الحكمة هي السُّنة، وهذا أظهرُ وأشهرُ (٣).

وقولُه: (بالصلاةِ والتسبيح ونحوه): بيانُ أنَّ ذِكْرَنا لله يعمُّ أنواع العبادات القولية والعملية. وقولُه: (قيل: معناه أُجَازِكُم … ) إلى آخره: تفسيرُ ذِكْرِ الله للمؤمنين بالمجازاة؛ أي: بالثواب تأويلٌ (٤)، والصواب: تفسيرُ الآية بالحديث


(١) أخرجه البخاري (٧٤٠٥)، ومسلم (٢٦٧٥) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) واختاره الطبري وابن عطية وابن كثير والسعدي. ينظر: «تفسير الطبري» (٢/ ٦٩٤)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٣٨٣) و «تفسير ابن كثير» (١/ ٤٦٤)، و «تفسير السعدي» (١/ ١١١).
(٣) تقدم في (ص ٢٧٦) وأن تفسير الحكمة بالسنة هو قول قتادة والحسن وغيرهما.
(٤) قال شيخنا: «تأويل ذكر الله لعبده بالرحمة والثواب، أو الإنعام صرف للكلام عن ظاهره بلا حجة، وكأن الذي قال ذلك يذهب إلى أن الله تعالى لا يتكلم بكلام حقيقي يُسمِعه إذا شاء لمن شاء من عباده، وهذا موجب مذهب الأشاعرة في كلام الله سبحانه، وهو أن معنى كلام الله: معنى نفسي، ليس بحرف ولا صوت فلا يتصور سماعه منه، وهو ظاهر الفساد». التعليقات على المخالفات العقدية في «فتح الباري» (ص ١٥٩، رقم ١١٣).

<<  <   >  >>