للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِنْ مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون (١٦٤)} [البقرة: ١٦٤]:

يُنبِّهُ -تعالى- في هذه الآية عبادَه على أدلة إلهيتِه وربوبيتِه، وهي: آياتُه الكونية، وهذه الآيات قد اشتمل عليها ما ذكرَهُ اللهُ من المخلوقات؛ خلقِ السمواتِ والأرضِ واختلافِ الليلِ والنهارِ والفلكِ التي تجري في البحر، وما أنزلَ الله من السماء مِنْ ماءٍ، وما بثَّ في الأرض من الدوابِّ، والرياح التي يُصرِّفُها الله، والسحاب المسخَّر بين السماء والأرض، في كلِّ ذلك آياتٌ دالةٌ على وجودِ الله وربوبيتِه وإلهيتِه وكمال قدرتِه وحكمتِه ورحمتِه.

وإنما ينتفع بهذه الآيات مَنْ يتفكَّرُ في هذه المخلوقات، ويهتدي بها إلى ما يجبُ عليه من الإيمان به -تعالى- وتوحيدِه واتِّباعِ رسلِه كما قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِأُولِي الألْبَاب (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار (١٩١)} [آل عمران: ١٩٠ - ١٩١]، وأولُوا الألباب: هم أهلُ العقول النَّيِّرة الزكية، ولذا قال في سورة البقرة: {لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون (١٦٤)}، فمَن لم يتفكَّرْ في هذه المخلوقات ويُسبِّحْ بحمد خالقِها ولم يتدبَّر الآيات فهو مِنْ الغافلين.

وطلبوا آية على ذلك، فنزل: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وما فيهما من العجائب {وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} بالذهاب والمجيء والزيادة والنقصان {وَالْفُلْكِ} السفن {الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ} ولا ترسب، موقرة {بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ} من التجارات والحمل {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ

<<  <   >  >>