هذا نفيٌ معناه: النهيُ عن الإكراه على الدخول في الإسلام؛ فالمعنى: لا تُكرهوا أَحدًا من أَجل أَنْ يُسلِمَ، ويحتملُ أَنْ يكون على ظاهره، فالجملةُ خبريةٌ، وعليه؛ فالمعنى: ليس في الدِّين إكراهٌ؛ أي: ليس الإكراه على الدخول في الإسلام مشروعًا، وهذا حقٌ، ولا يُرَدُّ على هذا الأَمر بقتال الكفار؛ فإِنَّ القتالَ له أسبابٌ متعددةٌ وغاياتٌ مختلفةٌ؛ فالسببُ الأَول هو: الكفرُ، والسببُ الثاني: العدوانُ الواقعُ، أو العدوانُ المتوقَّعُ، ومَن أَظهر الإسلامَ وجب الكفُّ عنه، ومَن جنح إلى المصالحة وأُمِنَت خيانتُه وَجبت إِجابتُه إِلَّا أَنْ يَظهر ما يدلُّ على قصد الخديعة والخيانة، وقتالُ الكفارِ ليس فيه حقيقةُ الإِكراه، فإِنَّ حقيقةَ الإكراهِ أَنْ يوقف الشخص فيُقال له: أَسلم وإِلَّا قتلناك، وهذا لم يفعله أَحدٌ من المسلمين في شيءٍ من غزواتهم، إِلَّا المرتد؛ فإنَّه يُجبرُ على التوبة؛ فيُقال له: تُبْ وإِلَّا قتلناك، فإِنَّ عقوبةَ المرتدِّ القتلُ، والمسلمون إذا فتحوا البلادَ صُلحًا فإنهم يُقرُّون أَهلها فيها ولا يُكرهون أَحدًا منهم على الإسلام، لكنهم يدعونهم إلى الإسلام، وإذا فتحوا البلادَ عَنوةً؛ كانت أَرضُهم وديارُهم غنيمةً للمسلمين، والنساءُ والذريةُ يكونون رقيقًا عند المسلمين، ولا يُكرَهُ أَحدٌ منهم على الإسلام، والرِّجالُ المقاتلة أَسرى، يُخيَّرُ الإمامُ فيهم بين الاسترقاقِ والقتلِ والمنِّ والمفاداةِ، ومَن أَسلم منهم وَجب إِطلاقُه وعُصِمَ دمُه ومالُه، ويشهد لما دلَّت عليه هذه الآيةُ من نفي الإكراه في الدِّين والنهي عنه قولُه تعالى: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِين (٩٩)} [يونس: ٩٩]، فعُلم من الآيتين أَنَّ الإكراهَ على الدخول في الإسلام ليس مشروعًا لا في أَوِّل الإسلامِ ولا في آخره، إِلَّا مَنْ ثبتت رِدَّتُه بأَن