هذا خبرٌ من الله عن المنافقين إذا دُعُوا إلى الإيمان، وقيل: لهم آمنوا كما آمنَ الناسُ - الذين هم الصحابة رضي الله عنهم - ردُّوا على مَنْ يَدْعُوهم إلى الإيمان؛ قائلين:{أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ}، والسُّفهاء: هم ناقصُو العقل وسَيئُو التدبير، فجمعوا بين ردِّ الحق وتنقُّصِ المؤمنين، فردَّ الله عليهم بنعتِهم بالسَّفَهِ الذي نعتُوا به المؤمنين وقَصَره عليهم؛ فقال تعالى: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (١٣)} أي: لا يعلمون أنهم أحقُّ بهذا الوصف، وأيُّ سَفَهٍ وأيُّ جهلٍ فوق تركِ الإيمان مع ازدراءِ المؤمنين؟
وقولُ المؤلِّف:(أَصْحَاب النَّبِيّ): معناه أنَّ المراد بالناس الذين دُعِيَ المنافقون أن يؤمنوا كإيمانهم هم أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقولُ المنافقين:{أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء}: تسفيهٌ وتجهيلٌ لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إيمانهم؛ لذلك فهم لا يقتدون بهم في الإيمان.
وقوله تعالى:{أَلَا إنَّهُمْ هُمْ السُّفَهَاء}: ردٌّ على المنافقين في رمي الصحابة بالسَّفَهِ بقَصْرِ السَّفهِ على المنافقين، وفي هذا قلبٌ للحكم عليهم بإثباتِ السَّفهِ لهم، ونفيه عن الصحابة رضي الله عنهم (١).
وقولُه:(ذلكَ): أي لا يَعلمون أنَّهم هم السُّفهاء.
(١) ينظر: توجيه لطيف في علة إثبات السفه لهم ونفيه عن الصحابة في: «تفسير الرازي» (٢/ ٣٠٨)، و «اللباب في علم الكتاب» لابن عادل (١/ ٣٥٧).