للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيم (١٦٣)} [البقرة: ١٦٣]:

يُخبِرُ -تعالى- أنَّ المعبودَ الحقَّ معبودٌ واحدٌ ولا معبود بحقٍّ سواه، وهو الله تعالى، وهذا خبرٌ متضمِّنٌ للأمر بمقتضاه، وهو الإيمانُ بمضمون هذا الخبر، وذلك باعتقادِ أنَّ الإلهَ الحقَّ واحدٌ وهو اللهُ الرحمنُ الرحيمُ، مع اعتقادِ أنَّ كلَّ معبودٍ سواه باطلٌ، فتضمَّن هذا الخبرُ: الأمرَ بالإيمان بالله، وإفرادَه بالعبادة وتركَ عبادة ما سواه، والبراءةَ منه، وذلك هو الكفرُ بالطاغوت، فدلَّت الآيةُ على معنى: لا إله إلا الله، وهي: العروةُ الوثقى التي لا تنفصمُ، فمَنِ استمسكَ بها نجا؛ فأَشبهتْ هذه الآية قوله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ} [البقرة: ٢٥٦]، وأشبهتِ البسملةَ من حيث اشتمالِها على الأسماء الثلاثة: الله، الرحمن، الرحيم، وتقدَّمَ الكلامُ في هذه الأسماء في الكلام على الآيتين الأولى والثانية من سورة الفاتحة (١).

ونزل لَمَّا قالوا: صِفْ لنا ربَّك: {وَإِلَهُكُمْ} المستحقُّ للعبادة منكم {إِلَهٌ وَاحِدٌ} لا نظيرَ له في ذاتِه ولا في صفاتِه {لا إِلَهَ إِلا هُوَ} هو {الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}.

وقولُ المؤلِّف: (لا نظيرَ له): تفسيرٌ لمعنى الواحد، وهذا أحدُ معاني الواحد، وقد ذكره ابنُ جرير، وقدَّمهُ وهو معنى صحيح (٢)، وأظهرُ منه أنَّ معنى {إِلَهٌ وَاحِدٌ}: أي: لا اثنان؛ كما قال تعالى: {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النحل: ٥١].


(١) ينظر: (ص ١٩).
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (٢/ ٧٤٥).

<<  <   >  >>