يأمرُ اللهُ عبادَه المؤمنين بتقواه؛ وهي: فعلُ ما أَمر اللهُ به ورسولُه، وتركُ ما نهى اللهُ عنه ورسولُه؛ خوفًا من عذاب اللهِ، وطمعًا في ثوابه، وتلك وصيةُ اللهِ للأَوَّلينَ والآخرينَ والناسِ أَجمعين.
ثم أَمر تعالى المؤمنين أَنْ يتركوا ما بقي لهم من دَين الرِّبا عند المدينين؛ فقال تعالى: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨)}، فإِنَّ الإيمانَ يقتضي ترك ما حرَّم اللهُ والتوبة منه، ثم حذَّرهم من الإصرار على أَخذ ما بقيَ من الربا وأَنَّ ذلك مؤذنٌ بحربٍ من الله ورسولِه؛ فقال تعالى:{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}؛ أَي: إن لم تتوبوا وتتركوا ما بقيَ من الربا؛ فاعلموا أَنَّ اللهَ ورسولَه حربٌ عليكم، ومَن كان اللهُ حربًا عليه أَخزاه وأَهلكَه، فباءَ بالخُسران المبين، ثم بيَّن حكمَهم إذا تابوا فقال تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (٢٧٩)}؛ أَي: وإن تُبتم إلى الله من تعاطي الرِّبا؛ فإنكم تستحقُّون رؤوسَ أَموالكم التي عند مَنْ عاملتموه بالربا دون زيادةٍ عليها، لا تظلمون بأَخذ الرِّبا ولا تُظلمون بالنقصِ من رؤوس أموالِكم.
ثم أَرشد تعالى مَنْ له الدَّيْنَ بإنظارِ مَنْ أَعسر فلم يقدر على وفاء الدَّينِ الذي وجبَ عليه أَداؤُه أَوْ التصدُّق عليه بإبرائه وهو خير؛ فقال تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}؛ أَي: وإن وجد ذو عسرة؛ أَي: إِعسارٍ، فكان: تامَّة. و «ذو عُسْرَةٍ»: فاعلٌ، و «نَظرةٌ»: مبتدأٌ، وخبرُه محذوفٌ، والتقديرُ: فعليه نَظرةٌ؛ أَي: على صاحب الدَّينِ إِنذارُ المعسر، وبعد: فقد ذكر ابنُ كثيرٍ سببَ نزولِ هذه الآيات ونقلَه عن جمعٍ من السَّلف؛ قالوا: إنَّ هذه الآيات نزلت