للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في بني عمرو بن عمير من ثقيف، وبني المغيرة من بني مخزوم، كان بينهم ربا في الجاهلية، فلما جاء الإسلامُ ودخلوا فيه، طلبت ثقيفُ أَنْ تأخذَه منهم، وقالت بنو المغيرة: لا نؤدي الربا في الإسلام .. فنزلت الآية (١).

وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}: أي: اتقوا شرَّ ذلك اليوم وهو يومُ القيامةِ، اتقوه بالأعمال الصالحةِ وتركِ المحرَّمات لتنجوا من عذاب اللهِ.

وقولُه: {تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}: أَي: تُرَدُّون في ذلك اليوم إلى الله فيُجازيكم على أَعمالكم، ومَن اتقى اللهَ وخاف ذلك اليوم وقاهُ اللهُ شرَّ ذلك اليوم وأَناله الفوزَ والكرامةَ.

وقولُه: {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ}: أَي: كلُّ أَحدٍ يُجزى بعمله خيرِه وشرِّه، فمَن يعمل مثقالَ ذرَّةٍ خيرًا يره، ومَن يعمل مثقالَ ذرَّةٍ شرًّا يره. {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٨١)}: أَي: لا يُنْقَصُ أَحدٌ من ثواب حسناتِه، ولا يُزاد في سيئاته، فحُكمه تعالى الجزائي دائرٌ بين الفضل والعدلِ كما قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (٤٠)} [النساء: ٤٠]، هذا وقد ذكر ابنُ كثيرٍ عن ابن عباس وغيرِه أَنَّ هذه الآيةَ آخرُ ما نزل من القرآن، وأَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عاش بعد نزولها تسعَ ليالٍ (٢).

وفي تعقيب آياتِ الربا بهذه الآية تأكيدٌ لِمَا تقدَّم في الآيات من النهي والوعيدِ، وترهيبٌ شديدٌ من ذلك اليوم الذي يقدمُ العبادُ فيه على الله فيجدون


(١) «تفسير ابن كثير» (١/ ٧١٦). وينظر: «أسباب النزول» (ص ٩٣)، و «العجاب في بيان الأسباب» (١/ ٦٣٨ - ٦٤٠).
(٢) «تفسير ابن كثير» (١/ ٧٢٠). والأثر: أخرجه الطبري (٥/ ٦٨)، وابن أبي حاتم (٢٩٤٤) بهذا اللفظ، وفي البخاري (٤٥٤٤) باب: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}، ذكر بإسناده أثر ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم آية الربا». وفي المسألة أقوال تنظر في: «البرهان» للزركشي (١/ ٢٠٩ - ٢١٠)، و «الإتقان» للسيوطي (١/ ١٧٦) وما بعدها.

<<  <   >  >>