للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَعمالَهم مُحصاةً عليهم، فيُجزون بها جزاءً لا ظُلمَ فيه لمحسنٍ ولا مسيءٍ، ولهذا قال تعالى: {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٨١) كما قال تعالى: {فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون (٥٤)} [يس: ٥٤].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا} اتركوا {مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} صادقين في إِيمانكم، فإِنَّ من شأنِ المؤمنِ امتثالَ أَمرِ اللهِ. نزلت لَمَّا طالب بعضُ الصحابةِ بعد النهي بربًا كان له قبل {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} ما أُمرتم به {فَأْذَنُوا} اعلموا {بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} لكم، فيه تهديدٌ شديدٌ لهم. ولَمَّا نزلت قالوا: [لا يَدَانِ] (١) لنا بحربه {وَإِنْ تُبْتُمْ} رجعتم عنه {فَلَكُمْ رُءُوسُ} أُصولُ {أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ} بزيادةٍ {وَلَا تُظْلَمُونَ} بنقصٍ.

{وَإِنْ كَانَ} وقع غريم {ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ} له؛ أَي: عليكم تأخيره {إِلَى مَيْسَرَةٍ} بفتح السِّين وضمِّها؛ أَي: وقتَ يُسره {وَأَنْ تَصَّدَّقُوا} بالتشديدِ على إدغامِ التاءِ في الأصل في الصاد، وبالتخفيفِ على حذفِها؛ أَي: تتصدَّقوا على المعسرِ بالإبراءِ {خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أَنه خيرٌ فافعلوه.

في الحديث: ((مَنْ أَنظرَ مُعسرًا أَوْ وضعَ عنه؛ أَظلَّه اللهُ في ظِلِّه يومَ لا ظلَّ إِلَّا ظلُّهُ)) رواه مسلم (٢). {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ} بالبناء للمفعول، تُرَدُّون، وللفاعل: تصيرون {فِيهِ إِلَى اللَّهِ} هو يومُ القيامةِ {ثُمَّ تُوَفَّى} فيه


(١) هذا ما رجحه شيخنا ـ سدده الله ـ وخطّأ لفظ (لا يَدَي) المثبت في طبعة قباوة، وجاء في حاشية الجمل، وطبعة دار ابن كثير، وطبعة دار السلام: (لا يد لنا).
(٢) أخرجه مسلم (٣٠٠٦) عن أبي اليسر كعب بن عمرو رضي الله عنه دون زيادة: ((يوم لا ظل إلا ظله))، وهي عند أحمد (١٥٥٢١) من هذا الوجه، وأخرجها الترمذي (١٣٠٦) عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به. وقال: «وفي الباب: عن أبي اليسر، وأبي قتادة، وحذيفة، وابن مسعود، وعبادة، وجابر. وحديث أبي هريرة حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه».

<<  <   >  >>