للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُون (٢٣٢)} [البقرة: ٢٣٢]:

ينهى اللهُ أَولياءَ النساءِ إذا طلقهنَّ أَزواجُهنَّ طلاقًا رجعيًا فانقضت العدَّةُ فَرَغِبَ أَزواجهنَّ في نكاحهنَّ نكاحًا جديدًا ورضيت المرأةُ بنكاح زوجها؛ ينهى تعالى الأَولياءَ عن عَضلِهنَّ؛ أَي: منعهنَّ من نكاح أَزواجهنَّ بعد الطلاق والبينونة إذا تراضى الأزواجُ والزوجاتُ على النكاح على الوجه المشروع، فالخطابُ في أَوَّل الآية للأزواج، وفي قوله: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} للأولياء، وفي قوله: {ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ} للجميع، وقيل: الخطابُ من أَوَّل الآية لجميع المؤمنين، وتختصُّ كلُّ طائفةٍ منهم من هذا الخطاب بما يُناسبهم، فالطلاقُ من الأَزواج؛ فهم المخاطبون في قوله: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ}، والعضلُ يكون من أَولياء النساء؛ فهم المخاطبون بقوله: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} (١).

وقد ذكر كثيرٌ من المفسرين أَنَّ هذه الآيةَ نزلت في مَعقلِ بنِ يسار وأُخته، حين منعها من مراجعة زوجها الذي طلَّقها فبانت منه، ثم رَغِبَ في نكاحها ورغبت أُختُ مَعقلٍ بنكاح زوجها، فلمَّا نزلت الآيةُ ترك مَعقل أُختَه؛ فنكحت زوجَها نكاحًا جديدًا (٢).


(١) ينظر: «الكشاف» (١/ ٤٥٤)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٥٦٩)، و «البحر المحيط» (٢/ ٤٩٢ - ٤٩٣)، وهناك قول ثالث: وهو أن الخطاب كله للأزواج حتى العضل، ذكره البغوي (١/ ٢٧٦)، والرازي (٦/ ٤٥٤).
(٢) أصل الحديث أخرجه البخاري (٤٥٢٩) (٥١٣٠) (٥١٣١)، وله روايات تنظر: في «أسباب النزول» (ص ٨٠ - ٨٢)، و «العجاب» (١/ ٥٩٠ - ٥٩٣). وغالب المفسرين ذكروا هذا القول دون غيره، وصححه ابن كثير، وقد صرح بأن سبب النزول كان في معقل بن يسار: الحسن البصري، وقتادة، ومجاهد، وعكرمة، وغيرهم. ينظر: «تفسير الطبري» (٤/ ١٨٧ - ١٩١)، و «معاني القرآن» للزجاج (١/ ٣١٠ - ٣١١)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ٦٣١ - ٦٣٢).

<<  <   >  >>