يأمر اللهُ - تعالى - عبادَه المؤمنين بإقام الصلاة؛ وهي الصلوات الخمس التي كتبها اللهُ على عباده في كلِّ يومٍ وليلةٍ، وبإيتاء الزكاة؛ وهي الحقُّ الذي فرضَه الله على الأغنياء في أموالهم، ويُبشرهم تعالى أنَّ ما قدَّموه لأنفسهم من خيرٍ - أي: عمل صالح - فإنهم يجدون ثوابَه موفورًا مُضاعفًا عند ربهم، ثم أخبر سبحانه أنه بصيرٌ بأعمال عباده حسناتهم وسيئاتهم، وهو بصيرٌ بأحوالهم ونيَّاتهم فيها، فيجزيهم بالحسنات بحسب تفاضلهم فيها، ويُضاعِف لهم الثوابَ، الحسنةُ بعشر أمثالها إلى سبع مئةِ ضِعفٍ إلى ما شاء الله، {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (١٦٠)} [الأنعام: ١٦٠].
والبصيرُ: من البصر بالشيء، وهو كمالُ العلم به، فهي من معنى: أحاطَ بكلِّ شيءٍ علمًا، وليست من البصر بمعنى الإبصار الذي هو بمعنى الرؤية؛ فالبصيرُ من المعنى الأول يأتي مقرونًا بالخبير، ومن المعنى الثاني يأتي مقرونًا بالسميع (١)، وقد عُلِمَ مما تقدَّم أنَّ الخطاب في هذه الآيات للمؤمنين من قوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا}[البقرة: ١٠٤]، إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٠)} [البقرة: ١١٠].