للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تحمله الملائكة، وعلى الاحتمال الثاني: اسمُ الإِشارة يرجعُ إِلى قصة الملأِ من بني إسرائيل مع نبيهم (١)، وجوابُ الشرط {إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِين (٢٤٨)} محذوفٌ دلَّ عليه ما قبله.

{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ} لَمَّا طلبوا منه آيةً على مُلكه {إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ} الصندوقُ، كان فيه صورُ الأَنبياء، أَنزله اللهُ على آدم واستمرَّ إليهم فغلبتهم العمالقةُ عليه وأَخذوه، وكانوا يستفتحون به على عدوِّهم ويُقدمونه في القتال ويسكنون إليه كما قال تعالى: {فِيهِ سَكِينَةٌ} طُمأنينةٌ لقلوبكم {مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} أَي: تركاه هما ـ وهو نعلا موسى وعصاه، وعمامةُ هارون وقَفِيزٌ من المنِّ الذي كان ينزل عليهم، ورضاضٌ من الألواح ـ {تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ} حالٌ من فاعل «يأتيَكُم». {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ} على مُلكِه {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، فحملته الملائكةُ بين السماء والأرض، وهم ينظرون إليه، حتى وضعته عند طالوت، فأقرُّوا بمُلكه وتسارعوا إلى الجهاد، فاختار من شُبَّانهم سبعينَ أَلفًا.

وقولُ المؤلِّف: (لَمَّا طلبوا): معنى هذا: أَنَّ بني إسرائيل لم يُصدقوا نبيَّهم أَنَّ اللهَ بعث طالوت ملكًا عليهم حتى يأتيهم بآيةٍ تدلُّ على صِدقه، وهذا ما ذكره المفسِّرون، وليس هذا بمستبعدٍ من بني إسرائيل؛ لِمَا عُرف من تعنُّتهم على أَنبيائهم، ولكن ليس في القرآن تصريحٌ بذلك، وقولُ نبيِّهم: {إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ}: يحتمل أَنْ يكون جوابًا لطلبهم آية، ويحتمل أَنْ يكون ذلك تأكيدًا لخبره؛ لأَنَّ اللهَ بعث لهم طالوت ملكًا.


(١) ينظر: «تفسير البيضاوي» (١/ ١٥١).

<<  <   >  >>