وقولُه: (في العفو عنه): يُبيِّنُ أَنَّ أَمرَ العفو بعد التوبة مُفوَّضٌ إلى الله؛ إن شاء عفا، وإن شاء لم يعفُ.
وقولُه: (إلى أَكله … ) إلى آخره: يريد: إلى أَكلِ الربا مُستحلًّا له؛ لأَنَّه شبَّهه بالبيع، وهذا هو المستحقُّ للوعيد الذي في الآية.
وقولُه: (يُنقصُه ويُذهبُ بركتَه): هذا بعضُ معنى المحقِ، وليس في المال المستفادِ من عقود الربا بركةٌ أَصلًا.
وقولُه: (يزيدها … ) إلى آخره: كلُّ هذه العباراتِ متقاربةُ المعنى، ويشهد لمعنى الآية قولُه صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ تصدَّقَ بعدلِ تمرةٍ من كسبٍ طيِّبٍ … )) الحديث، وفيه أَنَّ اللهَ يُربيها كما يُربي أَحدكم فُلوَّهُ (١) حتى تكونَ مثلَ الجبلِ.
وقولُه: (بتحليلِ الرِّبا): يُبيِّنُ أَنَّ استحلالَ الربا كفرٌ.
وقولُه: (فاجرٍ): تفسيرٌ لـ {أثيمٍ}، ولعلَّه أَخذه من اقترانه بـ {كَفَّارٍ} كما في قوله تعالى: {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: ٢٧].
وقولُه: (أي: يعاقبُه): هذا تفسيرٌ لقولِه: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ}، وهو يقتضي تفسيرَ نفي المحبَّةِ بالعقوبةِ، وهذا جارٍ على مذهبِ مَنْ لا يُثبتُ للهِ صفةَ محبَّةِ؛ لذلك يؤوِّلون المحبَّةَ بالثوابِ وعدمَ المحبَّة بالعقاب، فيجمعون بين التعطيلِ والتأويلِ الذي هو في الحقيقة تحريفٌ (٢). والصوابُ: أنَّ اللهَ يحبُّ المؤمنينَ والمتقينَ ولا يحبُّ الكافرينَ بل يمقتُهم كما قالَ تعالى: {لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [غافر: ١٠].
* * *
(١) الفلو: المهر الصغير، وقيل: هو الفطيم من أولاد ذوات الحافر. «النهاية» (٣/ ٤٧٤).
(٢) تقدم (ص ٤٠٧).