للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَى الظُّلُمَاتِ} ذكر الإخراج إِمَّا في مقابلة قوله: «يخرجهم من الظلمات»، أَوْ فيمَن آمن بالنبي قبل بعثه من اليهود ثم كفر به {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.

وقولُ المؤلِّف: (ناصرُ): تفسيرًا للولي فيه قصورٌ؛ فإِنَّ الوليَّ أَعمُّ من الناصر والنصير؛ فإِنَّ الوليَّ يجلبُ لمتولِّيه ما ينفعُه، ويدفع عنه ما يضرُّه، وأَمَّا النصيرُ: فهو أَخصُّ بالدفع؛ كالنصر على العدو، فكلُّ ولي نصيرٌ، وليس كلُّ نصيرٍ وليًا (١)، واللهُ وليُّ المؤمنين وناصرُهم، نِعمَ المولى ونِعمَ النصير.

وقولُه: (الكفرِ): تفسيرُ الظلمات بالكفر فيه قصورٌ أيضًا؛ فإِنَّ الظلمات أنواعٌ؛ أَعظمُها الكفر، ومنها ظُلمةُ الجهلِ وظلمةُ الغفلةِ وغير ذلك.

وقولُه: (الإيمانِ): تفسيرُ النور بالإيمان حقٌّ، ولكنَّ النورَ يدخل فيه نورُ العلمِ ونورُ الطاعةِ، والنورُ واحدٌ، ولهذا أُفردَ وجُمعِت الظُّلمات (٢).

وقولُه: (ذكر الإخراج … ) إلى آخره: يُجيب بذلك عن إِشكالٍ؛ وهو: هل كان الكفارُ في نور؟ وقد أَجاب المؤلِّفُ بأَنَّ ذكرَ الإخراجِ من الظلمات إلى النور جاء في مُقابل إِخراج المؤمنين من الظلمات إلى النور، وعلى هذا فلا إخراج أصلًا. أَوْ المرادُ: مَنْ كان على شريعة موسى وعيسى قبل مَبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بُعث كفروا به، فأَخرجهم الشيطانُ من نور العلمِ والإيمانِ بأنبيائهم وكتبهم إلى ظُلماتِ الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهناك وجه ثالث، وهو أن المراد إخراجهم من نور الفطرة التي ولدوا عليها إلى ظلمات الكفر


(١) تقدم في (ص ٢٦٠).
(٢) ذكر العلماء هذه الفائدة في غير موضع من آي القرآن. ينظر: «كشف المعاني» لابن جماعة (ص ١٥٤)، و «نظم الدرر» للبقاعي (٤/ ٤٦)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ٦٨٥)، و «بدائع الفوائد» (١/ ٢٠٨).

<<  <   >  >>