وقولُه:(أنفسكم): بيانٌ لمفعول {تَلْقُوا}؛ لأَنَّ التهلكةَ مصدرٌ سماعي بمعنى: الهلاك، والهلاكُ إنما يتعلَّق بالنفس، فصح أَنَّ المعنى: ولا تلقوا أَنفسَكم إلى التهلكة، ومن أَحسن ما عُبِّرَ به عن قوله:{بَأَيْدِيكُمْ}: أي: باختياركم، وعليه فالباءُ ليست زائدة (١).
وقولُه:(بالإمساك عن النفقة … ) إلى آخره: بيانٌ للسبب الذي يكون به الهلاك، وهو المنهيُّ عنه.
وقولُه:(بالنفقةِ وغيرها) تفسير الإحسان بالنفقة هو المناسب لسياق الآية فلما نهى عن الإمساك؛ بقوله:{وَلَا تَلْقُوا بَأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} أمر بالإنفاق بقوله: {وَأَحْسِنُوا} فكان الأمر بالإنفاق تأكيدًا للنهي عن الإمساك.
وقولُه:(أي: يثيبهم) فسر محبة الله بالإثابة، وهذا تأويل وصرف للكلام عن ظاهره وهذه طريقة من ينفي عن الله حقيقة المحبة، ويفسرها بالثواب أو إرادة الثواب، وهذه طريقة المؤلف -عفا الله عنه- كما سيأتي في نظائر هذه الآية.
* * *
(١) ينظر: «التحرير والتنوير» (٢/ ٢١٣ - ٢١٤). وأوجه أخرى في: «تفسير الطبري» (٣/ ٣٢٥ - ٣٢٦)، و «الكشاف» (١/ ٣٩٧)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٤٦٨)، و «البحر المحيط» (٢/ ٢٥١ - ٢٥٢).