للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باب أولى أَنْ تُقتَلَ بالرجل، وقد دلَّت السنَّةُ على أَنَّ الرجلَ يُقتَل بالمرأة (١)، كما دلَّت السنَّةُ على أَنَّ المسلمَ لا يُقتَلُ بالكافر (٢).

ثم بيَّنَ سبحانه حُكمَ ما إذا عُفي للقاتل شيءٌ من دم أخيه المقتول، بأَنْ عفا أولياءُ الدم أو بعضُهم عن القصاص إلى الدِّية، ووجبت الدِّيةُ في مال القاتل؛ فعلى العافي اتباعُ القاتل في طلب الدِّية بالمعروف؛ أي: بلا تعنُّتٍ ولا إشقاقٍ، وعلى القاتل أَداءُ الدِّيةِ إلى العافي بإحسانٍ؛ بلا مَطلٍ ولا بَخسٍ من الواجب عليه.

و «من» في قوله: {فَمَنْ عُفِيَ}: اسمُ شرطٍ أو اسمُ موصول مُضمَّنٌ معنى الشرط، وهو عبارةٌ عن القاتل.

وقوله: {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}: جوابُ الشرط، وهو مبتدأ، وخبرُه محذوفٌ تقديره: (فعليه)؛ أي: العافي وهو ولي الدم.

و {عُفِيَ}: فعلٌ مَبنيٌّ للمفعول، ونائبُ الفاعل {شَيْءٌ}، والضميرُ في قوله: {لَهُ}، وفي قوله: {أَخِيهِ} يعود إلى «مَنْ»، وهو القاتل، والجار والمجرور في قوله: {بِالْمَعْرُوفِ}: صفةٌ لاتِّباع. وجملة: {وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}: معطوفةٌ على: {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}.

{وَأَدَاءٌ}: مبتدأ، وخبره محذوفٌ تقديره: وعلى القاتل أداءُ ما وجب عليه بإحسان. والضمير في قوله: {إِلَيْهِ}: عائدٌ إلى ولي الدم؛ وبعد: فتقديرُ الكلام في معنى الجملة: القاتلُ الذي عفا له وليُّ الدم شيئًا من دم أخيه المقتول،


(١) لما أخرجه البخاري (٦٨٨٥)، ومسلم (١٦٧٢) عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم «قتل يهوديًا بجارية قتلها على أوضاح لها»، ولما رواه النسائي (٤٨٥٣) والبيهقي (١٦/ ١٧٤، رقم ١٦٠٠٤) وغيرهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب في كتاب عمرو بن حزم: «أن الرجل يقتل بالمرأة».
(٢) لما أخرجه البخاري (٦٩١٥) من حديث علي: «وأن لا يقتل مسلم بكافر».

<<  <   >  >>