للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُ المؤلِّف: (نزلت إخبارًا عن الروم … ) إلى آخره: يُبيِّن بذلك أنَّ المعنيَّ بالذمِّ والوعيد المذكور في الآية هم النصارى الذي خرَّبوا بيتَ المقدس، أو المراد: المشركون الذين صدُّوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأصحابَه عن المسجد الحرام، وما ذكرَه حقٌّ ولكنَّ الآية عامَّةٌ في جميع المساجد (١)، ويدخل فيها المسجد الحرام والمسجد الأقصى دخولًا أوليًّا، وكذا ما في الآية من ذمٍّ ووعيدٍ عامٌّ لجميع المانعين مساجدَ الله أن يُذكَر فيها اسمُه، وجميعِ الساعين في خرابها، ويدخلُ النصارى والمشركون في الذمِّ والوعيدِ دخولًا أوليًّا، وسياقُ الآيات السابقةِ واللاحقةِ يشهد للقولين، ففيها ذكرُ المشركين والنصارى، ومن ذلك آياتُ تحويل القبلة الآتية.

وقولُه: (خبر بمعنى الأمر … ) إلى آخره: يعني قوله تعالى: {مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ}، ويُبيِّنُ أنَّ هذا الخبرَ مُتضمِّنٌ أمر المؤمنين بإخافة الكفار، فلا يدخلوا المساجد إلا خائفين من سلطان المسلمين. ولا يَرِدُ على هذا دخولُ نصارى نجران مسجدِه (٢)؛ فإنهم غير مُطمئنين ولا يقدرون على أن يفعلوا فيه ما شاؤوا؛ لأنَّ الولاية فيه والحكم للرسول صلى الله عليه وسلم.


(١) ينظر: «تفسير الطبري» (٢/ ٤٤٢ - ٤٤٤)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٣٢٥ - ٣٢٦)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ٣٨٧ - ٣٨٨).
(٢) دخول وفد نجران لمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم جاء في حديث رواه ابن إسحاق، قال حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، قال: قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، يعني: وفد نجران، فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر، الحديث. وإسناده منقطع. ينظر: «سيرة ابن هشام» (١/ ٥٧٤)، و «فتح الباري» لابن رجب (٣/ ٢٤٤)، و «التعليق على فقه السيرة» للألباني (ص ٤٢٤). وجاء دخول وفد ثقيف للمسجد كما عند أبي داود (٣٠٢٦) من طريق الحسن، عن عثمان بن أبي العاص. وأصح ما جاء في هذا الباب: هو ربط ثمامة بن أثال في المسجد لما أتي به إليه أسيراً، كما في البخاري (٤٦٩)، ومسلم (١٧٦٤).

<<  <   >  >>