للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه: (أي المشركون من العرب وغيرهم): هذا أصحُّ ما قيل في بيان المراد بالذين لا يعلمون (١)، وأخطأ خطأً بيِّنًا مَنْ قال: المرادُ بهم اليهود أو النصارى، ويؤيد أنَّ المرادَ بهم المشركون قوله تعالى فيما سيأتي: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ} [البقرة: ١١٨]، والراجحُ في هذه الآية أنَّ المرادَ بالذين لا يعلمون كفارُ العرب، كما ذكره ابنُ كثير ورجَّحه (٢)، وهو قول الجمهور؛ قاله ابن عطية (٣) والقرطبي (٤).

وقولُه: (بيان لمعنى ذلك … ) إلى آخره: يريدُ أنَّ قوله تعالى: {مِثْلَ قَوْلِهِمْ}: بيانٌ لمعنى اسم الإشارة في قوله: {كَذَلِكَ}، فالمعنى أنَّ الذين لا يعلمون قالوا لكلِّ مَنْ خالفهم في الدينِ: ليسوا على شيء؛ كقول اليهود للنصارى، وقول النصارى لليهود.

وقولُه: (فيدخل المحقُّ الجنةَ والمبطلُ النارَ): هذا تفسيرٌ للحكم في الآية بالحكم الجزائي الفعلي، والآية تشمل هذا، وتشمل الحكمَ البياني القولي المذكور في قوله تعالى: {لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ} [النحل: ٣٩]، فإنه تعالى يُبيِّنُ لهم المحقَّ من المبطل، ثم يدخل المحقُّ الجنةَ والمبطلُ النارَ كما قال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ} إلى قوله: {مُحْضَرُونَ} [الروم: ١٤ - ١٦].

* * *


(١) وهو قول السدي ومقاتل، واختاره الجمهور. ينظر: «تفسير الطبري» (٢/ ٤٣٩)، و «تفسير ابن أبي حاتم» (١/ ٢٠٩، رقم ١١٠٧)، و «زاد المسير» (١/ ١٠٢).
(٢) ينظر: «تفسير ابن كثير» (١/ ٣٩٩).
(٣) «المحرر الوجيز» (١/ ٣٢٥).
(٤) «تفسير القرطبي» (٢/ ٧٦).

<<  <   >  >>