ثم يُبيِّنُ تعالى حكمةَ النهي عن نكاح المشركات وإنكاحِ المشركين، وذلك أَنَّ المشركين والمشركات يدعون إلى النار؛ أَي: إلى سبب دخولِ النارِ، وهو الشركُ بالله، والله تعالى يدعو إلى سبب دخولِ الجنةِ، وحصولِ المغفرةِ، وهو عبادتُه تعالى وحدَه لا شريك له، وطاعتُه وطاعةُ رُسله، والمؤمنون والمؤمنات يدعون إلى ما يدعو اللهُ إليه، وإذا كان المرادُ بالمشركين في الآية عبَّادَ الأَوثان؛ فالآيةُ على عمومها في المشركين والمشركات ولا تخصيصَ فيها، وإذا كان المرادُ بالمشركين كلَّ مَنْ عبدَ مع الله غيرَه من أهل الكتاب وغيرِهم، فهي مخصوصةٌ بقوله تعالى في سورة المائدة:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ} إلى قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[المائدة: ٥]؛ أَي: حِلٌّ لكم (١).
وقوله تعالى: {وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون (٢٢١)}: أي: يوضِّحُ آياتِه المتلوَّةِ؛ وهي آياتُ القرآن، ويُبيِّنُ آياته الكونية المشهودة؛ أي: يُظهرُ دِلالاتها ليتذكَّرَ الناسُ ربوبيَّتَه تعالى وإلهيَّتَه، فيعرفوه ويعبدوه، ويتذكروا ما هم قادمون عليه من موقفِ القيامةِ، وما هم صائرون إليه من الجنة أَوْ النار فيُعدُّوا لذلك اليوم عدَّتَه.