{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} التوراة {وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ} أي: أتبعناهم رسولًا في أثر رسول {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ} المعجزات؛ كإحياء الموتى وإبراءِ الأكمه والأبرص {وَأَيَّدْنَاهُ} قوَّيناه {بِرُوحِ الْقُدُسِ} من إضافة الموصوف إلى الصفة؛ أي: الروح المقدسة: جبريل، لطهارته يسير معه حيث سار. فلم تستقيموا {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى} تُحبُّ {أَنْفُسُكُمْ} من الحقِّ {اسْتَكْبَرْتُمْ} تكبَّرتم عن اتِّباعه جواب «كُلَّمَا» وهو محل الاستفهام، والمراد به التوبيخ {فَفَرِيقًا} منهم {كَذَّبْتُمْ} كعيسى {وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} المضارع لحكاية الحال الماضية. أي: قتلتم؛ كزَكريا ويحيى.
وقولُ المؤلِّف:(يسير معه حيث سار): بيانٌ لنوعٍ من التأييد وهو أنَّ جبريل يسير مع المسيح حيث سار.
وقولُه:(جواب «كُلَّمَا»): يُبيّن بذلك أنَّ «كلَّما» أداةُ شرطٍ، ففعل الشرط {جَاءَكُمْ}، وجوابُ الشرط {اسْتَكْبَرْتُمْ} فكذبتم أو قتلتم.
وقولُه:(وهو محلُّ الاستفهام): يريد أنَّ جوابَ الشرط هو مُتعلِّق الاستفهام.
وقولُه:(والمرادُ به التوبيخ): يعني: المراد بالاستفهام التوبيخ.
وقولُه:(المضارع لحكاية الحال الماضية): يُبيِّنُ أنَّ المضارع ليس خبرًا عن حال حاضرة بل خبرًا عن حال ماضية؛ لأنَّ القتلَ كان في الماضي؛ فالمعنى: فريقًا كذبتم ولم تقتلوهم، وفريقًا كذَّبتموهم وقتلتموهم، وفي الآية دلالةٌ على أنَّ عِنادَ بني إسرائيل وتعنَّتهم لم يقتصر على رسولهم موسى عليه السلام؛ بل كانت حالهم مع الرسل من بعد موسى كحالهم مع موسى عليه السلام، إلى أن جاء نبيُّنا