للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {لِمَا مَعَهُمْ}: أي التوراة والإنجيل.

وقوله تعالى: {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا}: جملةٌ معترضةٌ يُحتمل أن تكون حالًا، ويُحتمل أن تكون مُستأنفة لبيان أنهم على معرفةٍ بالرسول والكتاب (١).

ومعنى: {يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا}: يستنصرون اللهَ على مَنْ يقاتلهم من العرب المشركين ببعث محمد صلى الله عليه وسلم، وكانوا يتوعَّدون الأوسَ والخزرجَ، وكانوا في الجاهلية كفارًا مشركين لا يؤمنون بكتابٍ ولا رسولٍ، وكان اليهود إذا قاتلوهم يتوعَّدونهم بأنه يخرج رسولٌ في آخر الزمان، فإذا خرج آمنوا به وقاتلوا معه، فينتصرون عليهم.

وقوله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا}؛ وهو الكتابُ أو الرسولُ، {كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (٨٩) أي: حقَّت لعنةُ الله عليهم؛ فوضع الظاهرَ موضعَ المُضمر بإثبات وَصْفِ الكفر لهم. وجملة {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا}: بدلٌ من جملة {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ}؛ لترتيب جواب الشرط، فيكون المعنى: «ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم كفروا به».

وقوله تعالى: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ}: تقبيحٌ لِمَا اعتاضوا به عن أنفسهم، والاشتراءُ في هذا الموضع: البيعُ في قول أكثر المفسرين (٢)، ويشهدُ له قوله تعالى: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: ١٠٢]؛ أي: باعوا؛ فالشراء في هذه الآية بمعنى البيع بالاتفاق؛ فالمعنى: بئس الشيء باعوا به أنفسهم وأخذوه عوضًا عنها؛ وهو كفرهم بما أنزل الله في التوراة على موسى، وهو: البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم والأمر بالإيمان به واتباعه، وكذا كفرهم بما أنزل


(١) ينظر: «الدر المصون» (٥/ ٥٠٥)، و «التحرير والتنوير» (١/ ٦٠٢).
(٢) ينظر: «معاني القرآن» للفراء (١/ ٥٦)، و «تفسير الطبري» (٢/ ٢٤٦ - ٢٤٨)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٢٨٢).

<<  <   >  >>