من مقول القول الذي أُمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقولَه لهم في قوله: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٩١)}، وفيه توبيخٌ وتكذيبٌ لهم في قولهم:{نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا}.
{وَلَقَدْ جاءَكُم مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ} بالمعجزات؛ كالعصا واليدِ وفَلْقِ البحر {ثُمَّ اتَّخَذْتُمْ الْعِجْلَ} إلهًا {مِنْ بَعْدِهِ} أي: بعد ذهابه إلى الميقات {وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ} باتخاذه.
وقولُ المؤلِّف:(بالمعجزات … ) إلى آخره: التعبيرُ عن حُججِ الرسل بالمعجزات هو من اصطلاح المتكلِّمين، واسمها في الكتاب والسنَّة: آيات، وبينات، وبراهين (١).
وقولُه:(أي: بعد ذهابه إلى الميقات): فيه بيانُ أنَّ اتخاذ بني إسرائيل العجلَ في مدة ذهاب موسى لميقات ربه، ويشهدُ لذلك الآيات من سورة «طه»؛ كقوله تعالى لموسى:{قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ * فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا}[طه: ٨٥ - ٨٦].
وقولُه:(باتخاذه): يُبيِّن أنَّ سبب وصفهم بالظلم اتخاذُهم العجل إلهًا، ومعلومٌ أنَّ اتخاذهم العجلَ إلهًا هو أظلم الظلم؛ لأنَّ ذلك من الشرك الأكبر.
* * *
(١) ينظر: «النبوات» (١/ ٢١٥ - ٢١٦)، و (٢/ ٧٨٢)، (٢/ ٧٨٥)، و «الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح» (٥/ ٤١٢ - ٤١٩).