للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم أكَّد تعالى امتناعَ تمنِّيهم للموت لشدَّة حِرصهم على الحياة؛ فقال تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ}، وهم أحرصُ على الحياة من المشركين، ومِن حِرصهم على الحياة: أنَّ أحدَهم يودُّ لو يُعمَّرُ ألفَ سنةٍ، ثم أخبر تعالى أنَّ ذلك لا يُنجيهم من عذاب الله؛ فقال تعالى: {وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (٩٦) المعنى: أنَّ اللهَ عليمٌ بأعمالهم وسيجزيهم عليها بعدلٍ وحكمةٍ.

{قُلْ} لهم: {إنْ كَانَتْ لَكُمْ الدَّارُ الْآخِرَةُ} أي: الجنة {عِنْد اللَّه خَالِصَة} خاصة {مِنْ دُون النَّاس} كما زعمتم {فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} تعلَّق بتمنِّيه الشرطان على أنَّ الأولَ قيدٌ في الثاني؛ أي: إن صدقتم في زعمكم أنها لكم ومن كانت له يؤثرها والموصل إليها الموت فتمنوه. {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ} مِنْ كُفْرِهم بالنبيِّ المستلزم لكذبهم {وَاَللَّه عَلِيم بِالظَّالِمِينَ} الكافرين فيجازيهم. {وَلَتَجِدَنَّهُمْ} لام قسم {أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاة وَ} أحرص {من الَّذِينَ أَشْرَكُوا} المنكرين للبعث عليها؛ لِعِلْمهم بأنَّ مصيرهم النار دون المشركين لإنكارهم له {يَوَدُّ} يتمنى {أَحَدهمْ لَو يُعَمَّر أَلْف سَنَة} «لو» مصدرية بمعنى «أن» وهي بصلتها في تأويل مصدر مفعول «يود» {وَمَا هُوَ} أي: أحدهم {بِمُزَحْزِحِهِ} مُبعده {مِنْ الْعَذَاب} النار {أَنْ يُعَمَّر} فاعل «مزحزحه» أي تعميره {وَاَللَّه بَصِير بِمَا يَعْمَلُونَ} بالياء والتاء فيجازيهم.

وقولُ المؤلِّف: (تعلَّق بتمنِّيه): يُريد أنَّ جوابَ الشرط {إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} محذوفٌ دلَّ عليه {فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ}، وهو جوابُ الشرط الأول، ووجهُ ترتيب الجواب على الشرط أنَّ الموتَ هو الطريقُ لدخول الجنة لمن كان من أهلها،

<<  <   >  >>