للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه: (المتجاوزين … ) إلى آخره: هذا أَحدُ معنيي الاعتداء، ومنه: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: ٢٢٩].

وقولُه: (وهذا منسوخٌ بآية براءة … ) إلى آخره: يُريد: أَنَّ النهيَ عن ابتداء الكفار بالقتال منسوخٌ بقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥]، وهذا هو الصحيحُ.

وقولُه: (وقد فعل بهم ذلك … ) إلى آخره: في هذا نظرٌ، فإنَّ المعروفَ أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يُجْلِ أحدًا، بل أَمَّنهم وعفى عنهم وخرج مَنْ خرج معه إلى حنين (١).

وقولُه: (الشرك منهم)، وقولُه: ({القتل} لهم … ) إلى آخره: يُبيِّنُ أَنَّ شركَ المشركين في مكة أكبرُ من قتل المسلمين لهم في الحرم، وفي ذلك تسليةٌ للمسلمين.

وقولُه: (أي: في الحرم): يُبيِّنُ بهذا أَنَّ المراد بالذي عند المسجد الحرام: هو جميعُ الحرم؛ لأنَّ المسجدَ الحرام هو المصلى حولَ الكعبة، فالمنهي عنه هو القتالُ أو القتلُ في الحرم، فالقتلُ أو القتالُ في المسجد نفسِه أَشدُّ تحريمًا.

وقولُه: (توجد): يُبيِّنُ أَنْ تكون تامة.

وقولُه: (العبادة … ) إلى آخره: تفسيرٌ للدِّين، وإذا كانت العبادةُ لله وحده لم يوجد الشرك؛ فمضمونُ الجملةِ الثانيةِ لازمٌ لمضمون الجملةِ الأولى؛ لأَنَّ نفيَ وجود الشرك يستلزمُ وجودَ التوحيد، فعلى هذا تكون الجملةُ الثانيةُ مؤكدةً للجملة الأولى.

وقولُه: (عن الشرك … ) إلى آخره: يُبيِّنُ أَنهم إذا انتهوا عن الشرك ثبتت لهم حرمةُ الإسلام، فلا يجوز الاعتداءُ عليهم بقتلٍ ولا قتالٍ أو غيرهما؛ لقوله تعالى: {فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ}؛ فإنه نفيٌ بمعنى النهي.


(١) وكانوا يسمون الطلقاء. ينظر: صحيح البخاري (٤٣٣٣)، ومسلم (١٠٥٩)، (١٨٠٩).

<<  <   >  >>