للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجوب الإِحدادِ عليها مدَّةَ العدَّةِ، وهو اجتنابُ الزينةِ بأَنواعها والطيب، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحلُّ لامرأةٍ تؤمن بالله واليوم الآخر أَنْ تُحدَّ على ميتٍ فوقَ ثلاثِ ليالٍ، إِلَّا على زوجٍ أَربعةَ أَشهرٍ وعشرًا)) (١).

ومن أَحكام عدَّةِ الوفاة: أَنْ تبقى المعتدَّةُ في المسكن الذي أَتاها خبرُ وفاةِ زوجها، وهي تسكنُ فيه حتى تنقضيَ عِدَّتُها (٢)، وقد أَبطل اللهُ ورسولُه بهذه الأَحكام عادةَ أَهل الجاهلية في شأن المتوفَّى عنها، وهي: الإحدادُ مدَّةَ سنةٍ والإقامةُ في حفش؛ وهو مكانٌ ضيِّقٌ (٣)، مع ترك التنظُّفِ من الأَوساخ والأقذار، حتى تمضي عليها سنةٌ، كما جاء في الصحيحين عن زينب بنت أَبي سلمة، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم (٤).

ثم أَخبر تعالى في ختام هذه الآية أَنَّه خبيرٌ بأَعمال العباد، فعليهم أَنْ يتَّقوه ويُطيعوه، فإِنَّه مُجازيهم على أَعمالهم.

{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ} يموتون {مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ} يتركون {أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ} أَي: ليتربصنَ {بِأَنْفُسِهِنَّ} بعدهم عن النكاح {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} من الليالي، وهذا في غير الحوامل، وأَمَّا الحواملُ فعِدتهنَّ أَنْ يضعنَ حملهنَّ بآية «الطلاق»، والأَمَةُ على النصف من ذلك بالسنَّةِ {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} انقضتْ مدَّةُ تربُّصِهنَّ {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} أَيُّها الأَولياءُ


(١) أخرجه البخاري (١٢٨٠)، (١٢٨٢)، ومسلم (١٤٨٦)، (١٤٩١) عن أم حبيبة وزينب بنت جحش رضي الله عنهما.
(٢) ينظر: «المغني» (١١/ ٢٩٠).
(٣) الحفش: البيت الصغير الذليل القريب السُمك، سمي به لضيقه. «النهاية» (١/ ٤٠٧).
(٤) أخرجه البخاري (٥٣٣٦ - ٥٣٣٧)، ومسلم (١٤٨٨ - ١٤٨٩)، وفيه: ((إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول)). ينظر بعض فوائده -مع حديثين آخرين في الباب-: في «العدة في فوائد أحاديث العمدة» لشيخنا (ص ٤٩٢ - ٤٩٥).

<<  <   >  >>