{آمَنَ} صدَّقَ {الرَّسُولُ} محمَّدٌ {بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} من القرآن {وَالْمُؤْمِنُونَ} عطف عليه {كُلٌّ} تنوينه عوضٌ من المضاف إليه {آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ} بالجمع والإِفرادِ {وَرُسُلِهِ} يقولون {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} فنؤمنُ ببعضٍ ونكفرُ ببعضٍ كما فعل اليهودُ والنصارى. {وَقَالُوا سَمِعْنَا} أَي: ما أُمرنا به، سماعَ قبولٍ {وَأَطَعْنَا} نسألُكَ {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} المرجعُ بالبعث.
ولَمَّا نزلت الآيةُ التي قبلها شكا المؤمنون من الوسوسة، وشقَّ عليهم المحاسبة بها، فنزل:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} أَي: ما تَسَعُه قدرتُها {لَهَا مَا كَسَبَتْ} من الخير؛ أي: ثوابه {وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} من الشرِّ؛ أَي: وِزره. ولا يؤاخذُ أَحدٌ بذنب أَحدٍ ولا بما لم يكسبْه مما وسوست به نفسُه.
قولوا:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا} بالعقاب {إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} تركنا الصوابَ لا عن عمدٍ، كما آخذت به مَنْ قبلنا، وقد رفعَ اللهُ ذلك عن هذه الأُمَّة كما ورد في الحديث. فسؤاله اعترافٌ بنعمة اللهِ {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا} أَمرًا يثقل علينا حَملُه {كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} أَي: بني إسرائيل؛ من قتل النَّفسِ في التوبة وإِخراجِ ربعِ المالِ في الزكاة وقرض موضعِ النجاسة {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ} قوَّةَ {لَنَا بِهِ} من التكاليف والبلاءِ {وَاعْفُ عَنَّا} امحُ ذنوبَنا {وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا} في الرَّحمة زيادةٌ على المغفرة {أَنْتَ مَوْلَانَا} سيدنا ومتولي أُمورنا. {فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} بإقامةِ الحجَّةِ والغَلَبةِ في قتالهم، فإِنَّ من شأَن المولى أَنْ ينصرَ