للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه: (صدَّقَ): تفسيرُ الإيمان الشرعيّ بالتصديقِ فقط فيه قصورٌ؛ فإن الإيمان الشرعيَّ تصديقٌ وانقيادٌ واتباعٌ، فيدخل فيه العملُ كما يدلُّ لذلك حديثُ وفدِ عبدِ القيسِ (١) وغيره (٢).

وقولُه: (محمَّدٌ): بيانٌ للمراد بالرسول، ومحمدٌ أشهرُ أسماءِ الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في القرآن أربعَ مراتٍ، والرسولُ عَلَمٌ على نبيِّنا صلى الله عليه وسلم بالغَلَبةِ. وقولُه: (من القرآن): بيانٌ للمراد بما أَنزلَ، وأكثر ما يُضاف إليه الإنزالُ والتنزيلُ: القرآن، وقد ورد إضافةُ الإنزال إلى السُّنة في قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [النساء: ١١٣].

وقولُه: (عطف عليه): أي: عطف على الرسول، وهذا أحدُ الوجهَين في إعرابِ «المؤمنون»، والوجهُ الثاني: أنه مبتدأٌ والجملة التي بعده خبر (٣).

وقولُه: (تنوينه عوضٌ من المضاف إليه): لأَنَّ المعنى كلّهم آمنَ فصار التنوينُ مكانَ الضميرِ المضافِ إليه.

وقولُه: (بالجمع والإِفرادِ): يُشير إلى أنه قُرئ: «كُتْبٌ» بلفظ الجمع، و «كتابٌ» بلفظ الإفراد (٤)، وذكرَ القراءتين ابنُ جريرٍ ورجَّحَ القراءة بالجمع بضمِّ الكاف والتاء (٥).


(١) حديث وفد عبد القيس: أخرجه البخاري (٥٣)، ومسلم (١٧) عن ابن عباس، وفيه: ((أتدرون ما الإيمان بالله وحده)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس)).
(٢) ينظر الآثار وأقوال أئمة السلف أن العمل من الإيمان في: «السنة» لعبد الله بن أحمد (١/ ٣٠٧)، والشريعة (٢/ ٦١١)، و «الإبانة» لابن بطة (٢/ ٧٦٠)، و «شرح أصول أهل السنة» (٤/ ٩١١).
(٣) ينظر: «التبيان في إعراب القرآن» (١/ ٢٣٣ - ٢٣٤)، و «إعراب القرآن وبيانه» (١/ ٤٤٨).
(٤) قرأ حمزة والكسائي وخلف: {وكِتَابِهِ} مُوَحَدًا، وقرأ الباقون: {وَكُتُبِهِ} جمعًا. ينظر: «السبعة في القراءات» (ص ١٩٥)، و «النشر في القراءات العشر» (٢/ ٢٣٧).
(٥) ينظر: «تفسير الطبري» (٥/ ١٤٩).

<<  <   >  >>