للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه: (نُطَفًا فِي الْأَصْلَاب): تفسيرٌ لقوله: {أمواتًا} (١)، وهي الموتة التي لم يتقدمْها حياةٌ، وهي الموتة الأولى في قوله - تعالى - عن الكفار: {أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر: ١١]، والموتة الثانية: هي موتُهم بعد إحيائهم في الدنيا، والإحياءةُ الثانية حين يُنفخ في الصور ويُبعثون من القبور، وهي المذكورة في قوله: {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: ٢٨].

وقولُه: (في الأرحامِ والدنيا بنفخِ الروحِ فيكم): هذه الحياة الأولى، ومبدؤُها نفخُ الروح في الجنين، وتشمل هذه الحياة أطوارَ الإنسان جنينًا وطفلًا وما بعد ذلك من أطوار الإنسان في هذه الدنيا.

وقولُه: (والاستفهامُ للتعجيبِ … ) إلى آخره: يريد أنَّ الاستفهامَ في قوله: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ} المقصود منه: التعجُّب مِنْ كفرهم، أو التوبيخ على كفرهم (٢) مع ما يعلمونه ويشاهدونه مِنْ خلق الله لهم، ونقلهم من طور إلى طور بالإحياء والإماتةِ، وذلك برهانٌ على كمال قدرته وحكمته، فمنه المبدأُ وإليه المعاد - وهو الرجوع إليه بعد البعث - للجزاء على الأعمال، ولهذا قال سبحانه: {ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.

* * *


(١) جاء هذا التفسير عن ابن عباس في رواية عطاء عنه، وقتادة، وهناك أقوال أخرى. ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٤٤٦)، و «تفسير ابن أبي حاتم» (١/ ٧٣، رقم ٣٠٢)، و «زاد المسير» (١/ ٤٩).
(٢) ينظر: «معاني القرآن» للزجاج (١/ ١٠٧)، و «الإيضاح» لابن الأنباري (١/ ٥١٠ - ٥١١)، و «الكشاف» (١/ ٢٤٨).

<<  <   >  >>