للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه: (ليَعطفَ عليه): أي ليعطفَ على الضمير المستترِ، فإنه ضميرُ رفعٍ متصلٍ، ولا يجوز العطفُ على ضمير الرفع المتصل إلَّا أن يفصلَ بينهما بفاصلٍ كضمير الفصل، وهو في هذه الجملة «أنت»، وزوج معطوف على الضمير المستتر.

وقولُه: (حواء … ) إلى آخره: هذا اسمُ زوجِ آدم، وهو المعروف، وجاء تسميتها في الصحيح: ((لولا حواءُ لمْ تَخُنْ أُنْثَى زوجَها)) (١)، وليستِ الخيانة بفعل الفاحشة (٢)، ولهذا يقال للنساء: بنات حواء.

وقولُه: (وكان خَلْقُها مِنْ ضلعِهِ الأيسرِ): أي مِنْ ضلعِ آدم من جنبِه الأيسر، أمَّا خلقُها من آدم فهو نصُّ القرآن؛ قال تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء: ١]، وأمَّا خلقُها من الضِّلع فجاء في السنَّة (٣).

وقولُه: (أَكْلًا): قدَّرَ المصدر؛ ليُبيِّنَ أنَّ {رَغَدًا} صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ تقديره: أَكْلًا رغدًا، والأولى تقديره رزقًا (٤).

وقولُه: (واسعًا لا حَجْرَ فيه): معناه أنَّ الرزق الذي أُذِنَ لهما بأكله من الجنة واسعٌ لا حجرَ فيه ولا حرجَ، فلهما أن يأكلا من جميع أشجارِ الجنة إلَّا التي نُهيا عنها، ولذا قيل في معنى: {رَغَدًا}: واسعًا هنيئًا (٥)، يؤكد هذا المعنى قوله تعالى: {حَيْثُ شِئْتُمَا} أي: في أيِّ مكان من الجنة.


(١) رواه البخاري (٣٣٣٠)، ومسلم (١٤٧٠) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) قال الحافظ في «الفتح» (٦/ ٣٦٨): «وليس المراد بالخيانة هنا ارتكاب الفواحش، حاشا وكلا، ولكن لَمَّا مالت إلى شهوة النفس من أكل الشجرة وحسَّنت ذلك لآدم؛ عُدَّ ذلك خيانة له».
(٣) في قوله صلى الله عليه وسلم: ((استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء)). رواه البخاري (٣٣٣١)، ومسلم (١٤٦٨) من حديث أبي هريرة، واللفظ للبخاري.
(٤) ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٥٥١).
(٥) ينظر: «غريب القرآن» لابن قتيبة (ص ٤٦)، و «المفردات» للراغب (ص ٣٥٣).

<<  <   >  >>