للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستيعاب، ولكنه قليل من كثير. ومن عجب أن يجهل قوم من المسلمين قدر هذه الصلوات، أو يتجاهلوه، ويتغافلوا عنه حتى كانت الصلاة في أعينهم من أزهد الأعمال وأقلها قدرا، وصاروا لا يقيمون لها وزنا في حساب أعمالهم، ولا يبذلون لها وقتا من ساعات أعمارهم لا بل ربما يسخر بعض منهم بها، فيتخذونها سخربة وهزوا ولعبا، ويسخر ممن يصليها نسأل الله السلامة، فأي دين يا عباد الله لهذا؟ أي دين يا عباد الله لشخص يدع هذا العمل يدع الصلاة مع يسر عملها وقلة ما تشغل من وقت وكثرة ثوابها وعظم مصالحها ومنافعها على القلب والبدن والفرد والجماعة، والقول والعمل؟ فهي عون للمرء على عمله كما قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: ٤٥] وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أهمه أمر قام إلى الصلاة. أي دين لشخص يدع الصلاة، وهي التي جاء الوعيد في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم على من تهاون بها، أو تغافل عنها؟ قال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا - إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [مريم: ٥٩ - ٦٠] وهذه الآية ظاهرة في أن من أضاع الصلاة، واتبع الشهوات، فليس بمؤمن؛ لأن الله تعالى قال: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} [مريم: ٦٠] وقال سبحانه: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ - الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: ٤ - ٥] وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من لم يحافظ على هذه الصلوات، فليس له نور ولا برهان ولا نجاة يوم القيامة، ويحشر مع أئمة الكفر فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف. فأي دين لشخص يدع الصلاة وهو يؤمن بهذا الوعيد على مضيعها والغافل عنها. قد يقول أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟ وردنا على هذا أن نقول: قولك هذا لا يكفيك عند الله حتى تستسلم، وتنقاد لشريعة الله تعالى، فإن الإيمان ما وقر في القلب وصدقته الأعمال. ونقول له: المنافقون يقولون: لا إله إلا الله {وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: ١٤٢] والمنافقون يقولون للرسول صلى الله عليه وسلم إذا جاءوا إليه: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: ١] والمنافقون يصلون {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: ١٤٢] أفترى أنهم كانوا مسلمين وناجين من النار؟ لا، استمع قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: ١٤٠]- {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} [النساء: ١٤٥] وإذا أراد أن يجادل، ويلبس، فإن لدينا نصا صريحا في كفر تارك الصلاة، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة» . وقال: «العهد الذي بيننا وبينهم

<<  <  ج: ص:  >  >>