طويلا دون الأول، ثم رفع، وقال: سمع الله لمن حمده ربنا، ولك الحمد، وقام قياما طويلا نحو ركوعه، ثم سجد سجودا طويلا جدا نحوا من ركوعه، ثم رفع، وجلس جلوسا طويلا، ثم سجد سجودا طويلا، ثم قام إلى الركعة الثانية، فصنع مثل ما صنع لكنها دونها في القراءة والركوع والسجود والقيام، ثم تشهد، وسلم، وقد تجلت الشمس، ثم خطب خطبة عظيمة بليغة، فحمد الله، وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال:«أما بعد: فإن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده، فينظر من يحدث منهم توبة، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد، ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك، فافزعوا إلى الصلاة، وإلى ذكر الله ودعائه، واستغفاره» . وفي رواية:«فادعوا الله، وكبروا، وتصدقوا، وصلوا حتى يفرج الله عنكم» . وفي رواية حتى ينجلي. وقال:«يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده، أو تزني أمته، يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، وايم الله - يعني والله - لقد رأيت منذ قمت أصلي ما أنتم لاقوه من أمر دنياكم وآخرتكم، ما من شيء لم أكن رأيته، إلا رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار رأيت النار يحطم بعضها بعضا، فلم أر كاليوم منظرا قط أفظع، ورأيت فيها عمرو بن لحي الخزاعي يجر قصبه - يعني أمعاءه - ورأيت فيها امراة تعذب في هرة لها ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض، ولقد رأيتكم تفتنون في قبوركم، كفتنة الدجال يؤتى أحدكم، فيقال: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن أو الموقن، فيقول: محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى، فأجبنا، وآمنا، واتبعنا، فيقال: نم صالحا، فقد علمنا إن كنت لموقنا، وأما المنافق، أو المرتاب، فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا، فقلته» . " ثم ذكر الدجال، وقال:«لن تروا ذلك حتى تروا أمورا يتفاقم شأنها في أنفسكم، وتساءلوا بينكم هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرا، وحتى تزول جبال عن مراتبها» .
أيها المسلمون إن فزع النبي صلى الله عليه وسلم للكسوف، وصلاته هذه الصلاة، وعرض الجنة والنار عليه فيها، ورؤيته لكل ما نحن لاقوه من أمر الدنيا والآخرة، ورؤيته الأمة تفتن في قبورها، وخطبته، والذكر، والدعاء، والاستغفار، والتكبير، والصدقة بل أمر بالعتق أيضا. لأن كل هذه لتدل على عظم الكسوف، وأن صلاة الكسوف مؤكدة جدا، حتى قال بعض العلماء: إنها واجبة، وأن من لم يصلها، فهو آثم، فصلوا أيها المسلمون رجالا ونساء عند كسوف الشمس أو القمر، كما صلى