للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه لا يضره، فإنه يفطر، ويكره له أن يصوم، وإن كان الصوم يضره، فإنه يحرم عليه أن يصوم، ومتى برئ من مرضه قضى ما أفطر، فإن مات قبل برئه، فلا شيء عليه. والمرأة الحامل التي يشق عليها الصوم لضعفها أو ثقل حملها يجوز لها أن تفطر، ثم تقضي إن تيسر لها القضاء قبل وضع الحمل أو بعده إذا طهرت من النفاس، والمرضع التي يشق عليها الصوم من أجل الرضاع أو بنقص لبنها من الصوم نقصا يخل بتغذية الولد تفطر، ثم تقضي في أيام لا مشقة فيها ولا نقص.

والمسافر إن قصد بسفره التحيل على الفطر، فالفطر حرام عليه، ويجب عليه الصوم، وإن لم يقصد بسفره التحيل على الفطر فهو مخير بين أن يصوم، وبين أن يفطر، ويقضي عدد الأيام التي أفطر، والأفضل له فعل الأسهل عليه، فإن تساوى عنده الصوم والفطر، فالصوم أفضل؛ لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنه أسرع في إبراء ذمته، وأخف من القضاء غالبا، وإن كان الصوم يشق عليه بسبب السفر كره له أن يصوم، وإن عظمت المشقة به حرم أن يصوم؛ لأن «النبي صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان، فصام فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإنما ينظرون فيما فعلت، فدعا بقدح من ماء بعد العصر، فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، والناس ينظرون، فقيل له: بعد ذلك إن بعض الناس قد صام، فقال: " أولئك العصاة أولئك العصاة» . ولا فرق في المسافر بين أن يكون سفره عارضا لحاجة، أو مستمرا في غالب الأحيان مثل أصحاب سيارات الأجرة (التكاسي) أو غيرها من السيارات الكبيرة، فإنهم متى خرجوا من بلدهم، فهم مسافرون يجوز لهم ما يجوز للمسافرين الآخرين من الفطر في رمضان وقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، والجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء عند الحاجة، والفطر لهم أفضل من الصيام، إذا كان الفطر أسهل لهم، ويقضونه في أيام الشتاء؛ لأن أصحاب هذه السيارات لهم بلد ينتمون إليها، وأهل فيها يأوون غليهم، فمتى كانوا في بلدهم فهم مقيمون، وإذا خرجوا منها، فهم مسافرون لهم ما للمسافرين، وعليهم ما على المسافرين. ومن سافر في أثناء اليوم في رمضان، وهو صائم، فالأفضل أن يتم صومه يومه، فإن كان فيه مشقة، فليفطر، ثم يقضيه. ولا يتقيد السفر بزمن، فمن خرج من بلده مسافرا، فهو على سفر حتى يرجع إلى بلده، ولو أقام مدة طويلة في البلد التي سافر إليها إلا أن يقصد بتطويل مدة الإقامة التحيل للفطر، فإنه يحرم عليه الفطر، ويلزمه الصوم؛ لأن فرائض الله تعالى لا تسقط بالتحيل عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>