ولا يجب الصوم على الحائض والنفساء، ولا يصح منهما إلا إن تطهرا قبل الفجر، ولو بلحظة، فيجب عليهما الصيام، ويصح منهما، وإن لم تغتسلا إلا بعد طلوع الفجر، ويلزمهما قضاء ما أفطرتا من الأيام.
أيها المسلمون لقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في قيام هذا الشهر، وقال:«من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» . وإن صلاة التراويح من قيام رمضان، فأقيموها، وأحسنوها، وقوموا مع إمامكم حتى ينصرف، فإن من قام مع الإمام، حتى ينصرف كتب له قيام ليلة تامة، وإن كان نائما على فراشه. وإن على الأئمة أن يتقوا الله عز وجل في هذه التروايح، فيراعوا من خلفهم، ويحسنوا الصلاة لهم، فيقيمونها بتأن وطمأنينة، ولا يسرعوا فيها، فيحرموا أنفسهم ومن وراءهم الخير، أو ينقروها نقر الغراب لا يطمئنون في ركوعها وسجودها وقعودها والقيام بعد الركوع فيها على الأئمة أن لا يكون هم الواحد منهم أن يخرج قبل الناس، أو أن يكثر عدد التسليمات دون إحسان الصلاة، فإن الله تعالى:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[هود: ٧] لم يقل: أيكم أسرع نهاية، أو أكثر عملا، وقد كان نبيكم صلى الله عليه وسلم، وهو أحرص الناس على الخير والأسوة الحسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر كان لا يزيد على إحدى عشرة ركعة لا في رمضان ولا في غيره. وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة» . وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قام بأصحابه في رمضان، ثم ترك ذلك خشية أن تفرض على الناس، فيعجزوا عنها. وصح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أمر أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما في الناس بإحدى عشرة ركعة، فهذا العدد الذي قام به النبي صلى الله عليه وسلم، وواظب عليه، واتبعه فيه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو أفضل عدد تصلى به التراويح، ولو زاد الإنسان رغبة في الزيادة لا رغبة عن السنة بعد أن تبينت له لم ينكر عليه لو زود ذلك عن بعض السلف، وإنما ينكر الإسراع الفاحش الذي بفعله بعض الأئمة، فيفوت الخير عليه وعلى من خلفه.
وفقني الله وإياكم لاغتنام الأوقات بالطاعات، وحمانا من فعل المنكر والسيئات، وهدانا صراطه المستقيم، وجنبنا صراط أصحاب الجحيم، وجعلنا ممن يصوم رمضان، ويقومه إيمانا بالله، واحتسابا لثواب الله إنه جواد كريم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولكافة المسلمين من كل ذنب. . الخ.