للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه» (متفق عليه) . وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال الله نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى قال فذلك لك» .

وقال صلى الله عليه وسلم: «الرحم متعلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله» (متفق عليه) . ولقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صلة الرحم أعظم أجرًا من العتق ففي الصحيحين عن ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت «يا رسول الله أشعرت أني أعتقت وليدتي قال أوفعلت قالت نعم قال أما أنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك» .

أيها الناس إن بعض الناس لا يصل أقاربه إلا إذا وصلوه وهذا في الحقيقة ليس بصلة فإنه مكافأة إذ إن المروءة والفطرة السليمة تقتضي مكافأة من أحسن إليك قريبًا كان أم بعيدًا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل إذا قُطِعَتْ رحمه وصلها» (متفق عليه) فصِلُوا أرحامكم وإن قطعوكم وستكون العاقبة لكم عليهم فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إليّ وأحلم عليهم ويجهلون عليّ فقال إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملَّ - أي الرماد الحار - ولا يزال معك من الله ظهير عليهم أي معين عليهم ما دمت على ذلك» (رواه مسلم) .

واحذروا أيها المؤمنين من قطيعة الرحم فإنها سبب للعنة الله وعقابه يقول الله عز وجل: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ - أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: ٢٢ - ٢٣] ويقول تعالى {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [الرعد: ٢٥] وقد تكفل الله سبحانه للرحم بأن يقطع من قطعها حتى رضيت بذلك وأعلنته فهي متعلقة بالعرش تقول من قطعني قطعه الله. وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لا يدخل الجنة قاطع يعني قاطع رحم» (متفق عليه) . وأعظم القطيعة قطيعة الوالدين ثم من كان أقرب فأقرب من القرابة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاث مرات قلنا بلى يا رسول الله قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين» سبحان الله ما أعظم عقوق الوالدين ما أشد إثمه إنه يلي الإشراك بالله تعالى إن عقوق الوالدين قطع برهما

<<  <  ج: ص:  >  >>