والإحسان إليهما وأعظم من ذلك أن يتبع قطع البر والإحسان بالإساءة والعدوان سواء بطريق مباشر أم غير مباشر ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من الكبائر شتم الرجل والديه قالوا يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه قال نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه» . استبعد الصحابة رضي الله عنهم أن يشتم الرجل والديه مباشرة ولعمر الله إنه لبعيد لأنه ينافي المروءة والذوق السليم فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك قد لا يكون مباشرةً ولكن يكون عن طريق التسبب بأن يشتم الرجل والدي شخص فيقابله بالمثل ويشتم والديه. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: «لعن الله من ذبح لغير الله لعن الله من لعن والديه لعن الله من آوى محدثًا لعن الله من غير منار الأرض»(رواه مسلم) .
فيا عباد الله يا من آمنوا بالله ورسوله انظروا في حالكم انظروا في أقاربكم هل قمتم بما يجب لهم عليكم من صلة هل أَلَنْتُم لهم الجانب هل أطلقتم الوجوه لهم وهل شرحتم الصدور عند لقائهم هل قمتم بما يجب لهم من محبة وتكريم واحترام هل زرتموهم في صحتهم توددًا وهل عدتموهم في مرضهم احتفاءً وسؤالًا هل بذلتم ما يجب بذله لهم من نفقة وسداد حاجة فلننظر.
إن من الناس من لا ينظر إلى والديه اللذين أنجباه وربياه إلا نظرة احتقار وسخرية وازدراء يكرم امرأته ويهين أمه ويقرب صديقه ويبعد أباه إذا جلس عند والديه فكأنه على جمر يستثقل الجلوس ويستطيل الزمن اللحظة عندهما كالساعة أو أكثر لا يخاطبهما إلا ببطء وتثاقل ولا يفضي إليهما بسر ولا أمر مهم قد حرم نفسه لذة البر وعاقبته الحميدة. وإن من الناس من لا ينظر إلى أقاربه نظرة قريب لقريبه ولا يعاملهم معاملةً تليق بهم يخاصمهم في أقل الأمور ويعاديهم في أتفه الأشياء ولا يقوم بواجب الصلة لا في الكلام ولا في الفعال ولا في بذل المال تجده مثريًا وأقاربه محاويج فلا يقوم بصلتهم بل قد يكونون ممن تجب نفقتهم عليه لعجزهم عن التكسب وقدرته على الإنفاق عليهم فلا ينفق وقد قال أهل العلم كل من يرث شخصًا من أقاربه فإنه تجب عليه نفقته إذا كان محتاجًا عاجزًا عن التكسب وكان الوارث قادرًا على الإنفاق لأن الله تعالى يقول {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}[البقرة: ٢٣٣] أي مثل ما على الوالد