للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبناتهم ومن لهم ولاية تزويجهن أولئك الأولياء الذين لا يخافون الله ولا يرعون أمانتهم ولا يرحمون من تحت أيديهم أولئك الأولياء الذين اتخذوا من ولايتهم على تلك المرأة الضعيفة موردًا للكسب المحرم وأكل المال بالباطل تجد الخاطب الكفء في دينه وخلقه يخطب منهم فيفكرون ويقدرون ثم يقولون الكلمة الأخيرة البنت فائتة لغيرك، البنت صغيرة، شاورتها فأبت. أقوالًا كاذبةً يفترونها ليردوا ذلك الخاطب الكفء إما لعقد نفسية تثقل عليهم الإجابة وإما لطلب مال يحصلونه من وراء ولايتهم وإما لعداوة شخصية بينهم وبين الخاطب والولاية دين وأمانة يجب النظر فيها إلى مصلحة المولى عليه لا إلى أغراض الولي. إن دفع الخاطب الكفء في دينه وخلقه بمثل هذه الأقوال الكاذبة إنما هو معصية لله ورسوله وخيانة للأمانة وإضاعة لعمر المرأة التي تحت ولايته وسوف يحاسبون على ذلك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. أفلا يكون عند هؤلاء دين ورحمة؟ أفلا يفكرون لو أن أحدًا منعهم من الزواج مع رغبتهم فيه فماذا يكون رد الفعل منهم أفلا يعتبرون بذلك فيمن تحت أيديهم من النساء الراغبات في الزواج وهم يمنعوهن الأكفاء خُلُقًا ودِينًا. سبحان الله ماذا جنى هؤلاء الأولياء على أنفسهم وماذا جَنَوْا على من تحت ولايتهم ولقد أوجد أهل العلم تذليلًا لهذه العقبة حيث قالوا إن الولي إذا امتنع من تزويج موليته كفئًا ترضاه فإن ولايته تزول إلى من بعده فمثلًا لو امتنع أبو المرأة من تزويجها كفئًا في دينه وخلقه وقد رضيته ورغبت فيه فإنه يزوجها أولى الناس بها بعده فيزوجها أولى الناس بها ممن يصلح للولاية من إخوتها أو أعمامها أو بنيهم. نعم لو كان الخاطب غير كفء في دينه أو عفته فرضيته المرأة وأبى وليها فله الحق في ذلك ولا إثم عليه ولو بقيت لم تتزوج إلى الموت لأن إباءه لمصلحتها ومن مقتضى أمانته.

العقبة الثالثة التي تحول دون الزواج ومصالحه العظيمة غلاء المهور ونفقات الزواج وتزايدها حتى صار الزواج من الأمور المستحيلة أو الشاقة جدًّا لدى كثير من الراغبين في الزواج إلا بديون تشغل ذمته فتجعله أسيرًا لدائنه. وإن تذليل هذه العقبة أن يفكر ذو الرأي من الأولياء ما هو المقصود بالنكاح وما هي مكانة المرأة التي جعلك الله وليًّا عليها هل المقصود بالنكاح المال وهل المرأة سلعة تباع أو تمنع بحسب ما يبذل فيها من المال؟ كل هذا لم يكن فليس المقصود بالنكاح المال وإنما المال وسيلة إليه. وليست المرأة سلعة بل هي أكرم

<<  <  ج: ص:  >  >>